معها في سوادها وأطرافها، لما توسّمه فيه من قلّة الحياء، وشدّة اللّقاء، وكثرة اللّقم، وجودة الهضم، ورآه أهلا له من سدّ مكانه، والرّفاهة المهملة التي فطن لها، والرّقاعة «١» المطّرحة التي اهتدى إليها، والنّعم العائدة على لا بسيها بملاذّ الطّعوم، وخصب الجسوم، وردّا على من اتسعت حاله، وأقدره الله على غرائب المأكولات، وأظفره ببدائع الطّيّبات، آخذا من ذلك كلّه بنصيب الشّريك المناصف، وضاربا فيه بسهم الخليط المفاوض، ومستعملا للمدخل اللّطيف عليه، والمتولّج العجيب إليه، والأسباب التي ستشرح في مواضعها من أوامر هذا الكتاب، وتستوفى الدّلالة على ما فيها من رشاد وصواب؛ وبالله التّوفيق وعليه التّعويل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
أمره بتقوى الله التي هي الجانب العزيز، والحرز الحريز، والرّكن المنيع، والطّود الرّفيع، والعصمة الكالئة، والجنّة الواقية، والزّاد النّافع يوم المعاد، وحيث الأمثلة من الأزواد، وأن يستشعر خيفته في سرّه وجهره، ويراقبه في قوله وفعله، ويجعل رضاه مطلبه، وثوابه مكسبه، والقربة منه أربه، والزّلفى لديه غرضه، ولا يخالفه في مسعاة قدم، ولا يتعرّض عنده لعاقبة ندم، ولا يقدم على ما كره وأنكر، ولا يتقاعس عما أحبّ وأمر.
وأمره أن يتأدّب بأدبه فيما يأتي ويذر، ويقف على حدوده فيما أباح وحظر، فإنه إذا كان ذلك هجّيراه وديدنه «٢» ، وجرى عليه منهاجه وسننه، تكفّل الله له بالنّجاح والصّلاح، وأفضى به إلى الرّشاد والفلاح، وأظفره بكلّ بغية، وأوصله إلى كلّ مشية، ولم يخله من الفوز بما يرصد، والحوز بما يقصد؛ بذاك وعد، وكذاك يفعل؛ وما توفيقنا إلا بالله، ولا مرجعنا إلا إليه.
وأمره أن يتأمّل اسم التّطفيل ومعناه، ويعرف مغزاه ومنحاه، ويتصفّحه تصفّح الباحث عن حظّه بمحموده، غير القائل فيه بتسليمه