يتكوّن فيه بموضع من بحر القلزم بساحل إفريقيّة، يعرف بمرسى الخرز، ينبت بقاعه كما ينبت النبات، وتعمل له شباك «١» قوية مثقّلة بالرّصاص، وتدار عليه حتّى يلتفّ فيها، ويجذب جذبا عنيفا فيطلع فيها المرجان. وربما وجد ببعض بلاد الفرنجة إلا أن الأكبر والأكثر والأحسن بمرسى الخرز؛ ومنه يجلب إلى بلاد المشرق.
ولأهل الهند فيه رغبة عظيمة؛ وإذا استخرج حك على مسنّ الماء؛ ويجلى بالسّنباذج «٢» المعجون بالماء على رخامة فيظهر لونه ويحسن؛ ويثقب بالفولاذ أو الحديد المسقى.
وأجوده ما عظم جرمه، واستوت قصباته، واشتدت حمرته، وسلم من التسويس- وهو خروق توجد في باطنه حتّى ربما كان منه شيء خاو كالعظم- وأردؤه: ما مال منه إلى البياض أو كثرت عقده وكان فيه تشطيب، ولا سبيل إلى سلامته من العقد لوجود التشعب فيه؛ فإن اتفق أن تقع منه قطعة مصمتة مستوية لا عقد فيها ولا تشطيب كانت في نهاية الجودة.
وقد يوجد منه قطع كبار فتحمل إلى صاحب إفريقيّة فيعمل له منها دويّ وأنصبة سكاكين.
قال التيفاشيّ: رأيت منها محبرة طول شبر ونصف، في عرض ثلاث أصابع، وارتفاع مثلها بغطائها، في غاية الحمرة وصفاء اللون. وقد ذكر ابن الطوير في تاريخ الدّولة الفاطمية بالديار المصرية وترتيبها: أنه كان لخلفاء الفاطميين دواة من المرجان تحمل مع الخليفة إذا ركب في المواكب العظام أمام راكب على فرس، كما سيأتي ذكره في الكلام على المسالك والممالك في المقالة الثانية فيما بعد إن شاء الله تعالى.