الفوارس البغداديّ، فصنف فيه كتابا للنّاصر لدين الله الخليفة العباسيّ ببغداد، وذكر فيه أسماء أعضاء الطّائر ورياشه، والوشوم التي توسم في كلّ عضو، وألوان الطّيور وما يستحسن من صفاتها، وكيفية إفراخها، وبعد المسافات التي أرسلت فيها، وذكر شيء من نوادرها وحكاياتها، وما يجري هذا المجرى. وأظنّ أنّ كتاب القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر نتيجة عن مقدّمته.
وأما مسافات طيرانه، فقد تقدّم أن الطائر الذي بيع بألف دينار طار من القسطنطينيّة إلى البصرة، وأن الحمام أرسل من مصر إلى البصرة بحضرة القاضي بكّار قاضي مصر.
وذكر ابن سعيد في كتابه «حيا المحل وجنى النّحل» أنّ العزيز، ثاني خلفاء الفاطميّين بمصر، ذكر لوزيره يعقوب بن كلّس أنه ما رأى القراصية «١» البعلبكّية، وأنه يحبّ أن يراها. وكان بدمشق حمام من مصر وبمصر حمام من دمشق، فكتب الوزير لوقته بطاقة يأمر فيها من هو تحت أمره بدمشق أن يجمع ما بها من الحمام المصريّ، ويعلّق في كلّ طائر حبّات من القراصية البعلبكّية، ويرسلها إلى مصر، ففعل ذلك، فلم يمض النّهار حتّى حضرت تلك الحمائم بما علّق عليها من القراصية، فجمعه الوزير يعقوب بن كلّس وطلع به إلى العزيز في يومه، فكان ذلك من أغرب الغرائب لديه.
وذكر أيضا في كتابه «المغرب في حلى المغرب» أن الوزير اليازوريّ «٢» المغربيّ، وزير المستنصر بالله الفاطميّ وجّه الحمام من تونس من أفريقية من بلاد المغرب فجاء إلى مصر، والعهدة عليه في ذلك.