السلاطين، واستيفاء حقوق السلاطين من الرعية، والتلطف في الصلة بينهما» . قال:«ولعلم الملوك بخطر هذه الصناعة وأهلها وعائدتها في أمور السلطان صرفوا العناية إلى الكتبة وخصّوهم بالحظوة وعرفوا لهم فضل ما جمعوه من الرأي والصناعة، وكانت ملوك الفرس لرفعة رتبة الكتابة عندهم تجمع أحداث الكتّاب ونواشئهم المعترضين لأعمال الملك، ويأمرون رؤساء الكتابة بامتحانهم، فمن رضي أقرّ بالباب ليستعان به، ثم يأمر الملك بضمهم إلى العمّال، واستعمالهم في الأعمال، وينقلهم في الخدم على قدر طبقاتهم من حال إلى حتى ينتهي بكل واحد منهم إلى ما يستحقه من المنزلة، ثم لا يمكّن أحد ممن عرض اسمه على الملك من الخدمة عند أحد إلا بأذن الملك» .
وفي عهد سابور «١» : «وليكن كاتبك مقبول القول عندك، رفيع المنزلة لديك، يمنعه مكانه منك وما يظنّ به من لطافة موضعه عندك من الضّراعة لأحد والمداهنة له، ليحمله ما أوليته من الإحسان على محض النصيحة لك، ومنابذة من أراد عيبك وانتقاص حقك» . ولم يكن يركب الهماليج «٢» في أيامهم إلا الملك والكاتب والقاضي.
قلت: ولشرف الكتابة وفضل الكتّاب صرف كثير من أهل البلاغة عنايتهم إلى وضع رسائل في المفاخرة بين السيف والقلم «٣» ، إشارة إلى أن بهما قوام الملك وترتيب السلطنة، بل ربما فضل القلم على السيف ورجّح