فأما القمر، فمأخوذ من القمرة وهي البياض، سمي بذلك لبياضه؛ وقد تقدّم أنّ فلكه أقرب الأفلاك إلى الأرض؛ وهو المعبر عنه بالسماء الدّنيا، ودوره ألف ومائة وخمسة وثمانون ميلا، وهو جزء من تسعة وثلاثين جزءا من الأرض؛ وبعده عن الأرض مائة ألف وسبعة آلاف وخمسمائة وتسعون ميلا «١» . وهو يسمّى هلالا الليلة الأولى والثانية والثالثة، ثم هو قمر إلى آخر الشهر. ويسمّى في ليلة أربع عشرة: بالبدر، قيل لمبادرته الشمس «٢» قبل الغروب، وقيل: لتمامه وامتلائه، كما قيل لعشرة آلاف: بدرة لأنها تمام العدد ومنتهاه. ويستسرّ ليلة في آخر الشهر؛ وربما استسرّ ليلتين فلا يرى، بمعنى أنه يختفي فلا يرى، ويسمّى هذا الاختفاء السّرار.
وأما عطارد فمعناه النافذ في الأمور، ولذلك سمي الكاتب، وهو في الفلك الثاني بعد فلك القمر، ودور قرصه سبعمائة وعشرون ميلا، وهو جزء من اثنين وعشرين جزءا من الأرض؛ وبعد ما بينه وبين الأرض مائتا ألف وخمسة آلاف وثمانمائة ميل.
وأما الزّهرة فمأخوذة من الزاهر وهو الأبيض، سميت بذلك لبياضها، وهي في الفلك الثالث من القمر، ودور قرصها ستة آلاف وسبعة وأربعون ميلا وهي جزء من ستة وثلاثين جزءا من الأرض؛ وبعدها عن الأرض خمسمائة ألف وخمسة وثلاثون ألفا وستمائة وأربعة عشر ميلا.
وأما الشمس فسميت بذلك لشبهها بالشمسة وهي الواسطة التي في المخنقة، لأن الشمس واسطة بين ثلاثة كواكب سفليّة، وهي القمر وعطارد والزّهرة، وبين ثلاثة علويّة، وهي المرّيخ والمشتري وزحل، وذلك أنها في الفلك الرابع من القمر؛ ودور قرصها مائة ألف وثمانمائة وثمانون ميلا، وهي مثل الأرض