ليت باكية شجاني دمعها ... نظرت إليك كما نظرت فتعذرا
وترى الفضيلة لا تردّ فضيلة ... الشّمس تشرق والسّحاب كنهورا
فلفظة الكنهور لا تعاب نظما، وتعاب نثرا.
ومنها لفظة العرمس، وهو اسم الناقة الشديدة؛ فإن هذه اللفظة يسوغ استعمالها في الشعر ولا يعاب مستعملها كقول المتنبي:
ومهمه جبته على قدمي ... تعجز عنه العرامس الذّلل
فإنه جمع هذه اللفظة ولا بأس بها، ولو استعملت في الكلام المنثور من الخطب لما طابت ولا ساغت؛ وقد جاءت موحّدة في شعر أبي تمام في قوله:
هي العرمس الوجناء وابن ملمّة ... وجاش على ما يحدث الدهر خافض
ومنها لفظة الشّدنيّة في قول أبي تمام أيضا.
يا موضع الشّدنيّة الوجناء
وهي ضرب من النّوق؛ فإن الشدنيّة لا تعاب شعرا وتعاب لو وردت في كتابة أو خطبة. هذا ما أورده في «المثل السائر» لهذا الضرب من الأمثلة.
ثم قال: وهكذا يجري الحكم في أمثال هذه الألفاظ؛ وعلى هذا فاعلم أن كل ما يسوغ استعماله في الكلام المنثور يسوغ استعماله في الكلام المنظوم، وليس كل ما يسوغ استعماله في الكلام المنظوم يسوغ استعماله في الكلام المنثور. قال: وذلك شيء استنبطته واطلعت عليه لكثرة ممارستي هذا الفن، ولأنّ الذوق الذي عندي دلّني عليه، فمن شاء أن يقلّدني فيه، وإلا فليدمن النظر حتّى يطّلع على ما اطلعت عليه، والأذهان في مثل هذا المقام تتفاوت. على أن الشيخ سعد الدين التفتازاني «١» رحمه الله قد تابعه على ذلك في شرح التلخيص «٢» ، فلا