ولو كان هذا موضع العتب لا شتفى ... فؤادي ولكن للعتاب مواضع
قال المولى صلاح الدين الصّفدي رحمه الله تعالى في شرح لامية العجم:
وقد استعمل ابن سناء الملك رحمه الله تعالى هذه اللفظة في غير هذا الموضع ولم يتّعظ بنهي الفاضل ولا ارعوى ولا ازدجر عما قبحه لأنه غلب عليه الهوى، فقال:
توسوس شعري به مدّة ... وما برح الحلي والوسوسه
وخلّصني من يدي عشقه ... ظلام على خدّه حندسه «١»
كنست فؤادي من عشقه ... ولحيته كانت المكنسه
قال: وأما القاضي الفاضل، فما أظنه خلا في هذا الإيراد، من ضعف انتقاد؛ وأحاشي ذاك الذهن الوقّاد، من هذا الاعتقاد في ورطة هذا الاعتقاد؛ وما أراه إلا أنه تعمّد أن يعكس مراده، ويوهي ما شدّه ويوهن ما شاده؛ ويرميه ببلاء البلادة؛ إما على سبيل النّكال أو النّكادة، لأن الفاضل رحمه الله ممن يتوخّى هذه الألفاظ ويقصدها، وينشيها وينشدها، ويوري زنادها ويوردها.
فمن كلام القاضي الفاضل في بعض رسائله: وما استطاعت أيديهم أن تقبض جمره، ولا ألبابهم أن تسيغ خمره، ولا سيوفهم أن تكنس قميمه «٢» .
قال في «المثل السائر» : ومثل هذه الألفاظ إذا وردت في الكلام، وضعت من قدره ولو كان معناه شريفا. قال: وهذا القسم من الألفاظ المبتذلة لا يكاد يخلو منه شعر شاعر، لكن منهم المقلّ ومنهم المكثر.