فيه، فهذه الباءات والراءات فيه كأنها سلسلة، ولا خفاء بما في ذلك من الثقل.
قال: وكذلك يجري الحكم في كل ما تكرر فيه حرف أو حرفان؛ إلا أنه لم يطلق على ذلك اسم التنافر، وجعل التنافر قسما مستقلا برأسه كما سيأتي، وعدّ هذا من أنواع المعاظلة اللفظية؛ ثم ذكر من أمثلته قول الحريري «١» في مقاماته:
وازورّ من كان له زائرا ... وعاف عافي العرف عرفانه
وقول كشاجم:
والزّهر والقطر في رباها ... ما بين نظم وبين نثر
حدائق، كفّ كلّ ريح ... حلّ بها خيط كلّ قطر
وقول الآخر:
مللت مطال مولود مفدّى ... مليح مانع منّي مرادي
وقول المتنبي:
كيف ترثي التي ترى كلّ جفن ... زاءها غير جفنها غير راقي
وعاب بيت الحريريّ لتكرر العين فيه في قوله:
وعاف عافي العرف عرفانه
وعاب البيت الثاني من بيت كشاجم لتكرر الكاف فيه في كفّ «وكلّ» الأولى و «كلّ» الثانية، وقال: هذا البيت يحتاج الناطق به إلى بركار يضعه في شدقه حتّى يديره له؛ وعاب البيت الذي يليه لتكرر الميم فيه في أوائل الكلمات، وقال: هذه الميمات كأنها عقد، متصلة بعضها ببعض، وعاب بيت المتنبي لتكرر الجيم والراء في أكثر كلماته، وقال: هذا وأمثاله إنما يعرض لقائله في نوبة الصّرع التي تنوبه في بعض الأيام. قال: وكان بعض أهل الأدب من أهل عصرنا يستعمل هذا