ومن يراد منه تفخيم شأن السلطان في نفسه، لأوقع كلامه في غير موقعه، ونزّله في غير منزلته، لأنه لا أقبح ولا أسمج من أن يستنفر الناس لسماع كتاب قد ورد من السلطان في بعض عظائم أمور المملكة أو الدّين، فإذا حضر الناس كان الذي يمرّ على أسماعهم من الألفاظ واردا مورد الإيجاز والاختصار لم يحسن موقعه وخرج من وضع البلاغة لوضعه في غير موضعه.
قلت: وما ذكرته من الأصول والقواعد التي تبنى عليها صنعة الكلام هو القدر اللازم الذي لا يسع الكاتب الجهل بشيء منه، ولا يسمح بإخلاء كتاب مصنّف في هذا الفنّ منه.
أما المتمّمات التي يكمل بها الكاتب، من المعرفة بعلوم البلاغة ووجوه تحسين الكلام من المعاني والبيان والبديع، فإن فيها كتبا مفردة تكاد تخرج عن الحصر والإحصاء، فاقتضى الحال من المتقدّمين للتصنيف في هذا الفنّ أن قد قصروا تصانيفهم على علوم البلاغة وتوابعها كالوزير ضياء الدين بن الأثير في «المثل السائر» وأبي هلال العسكريّ في «الصناعتين» والشيخ شهاب الدين محمود الحلبي في «حسن التوسل»«١» كما تقدّمت الإشارة إليه في مقدّمة الكتاب، فليطلب ذلك من مظانّه من هذه الكتب وغيرها، إذ هذا الكتاب إنما يذكر فيه ما يشق طلبه من كتب متفرّقة، وتصانيف متعدّدة، أو يكون في المصنّف الواحد منه النّبذة غير الكافية، ولا يجتمع منه المطلوب إلا من كشف الكثير من المصنّفات المتفرّقة في الفنون المختلفة.