قالوا: والمعنى في ذلك أن الشمس في المبدإ الأوّل لما سارت مسيرها الذي جعله الله خاصّا بها قطعت دور الفلك التاسع في ثلاثمائة وستين يوما، وسميت جملة هذه الأيام سنة شمسية ورسمت بحركتها هذه في هذا الفلك دائرة عظمى على ما توهّمه أصحاب الهيئة، وقسمت هذه الدائرة إلى ثلاثمائة وستين جزءا وسمّوا كلّ جزء درجة، ثم قسمت هذه الدّرج إلى اثني عشر قسما على عدد شهور السنة، وسمّوا كل قسم منها برجا، وجعلوا ابتداء الاقسام من نقطة الاعتدال الربيعيّ: لاعتدال الليل والنهار عند مرور الشمس بهذه النقطة، ووجدوا في كل من قسم هذه الأقسام نجوما تتشكّل منها صورة من الصّور فسمّوا كلّ قسم باسم الصورة التي وجدوها عليه، وكان القسم الأول الذي ابتدأوا به نجوما إذا جمع متفرّقها تشكلت صورة حمل، فسمّوها بالحمل، وكذلك البواقي.
قال صاحب «مناهج الفكر»«١» : وذلك في أوّل ما رصدوا، وقد انتقلت الصّور عن أمكنتها على ما زعموا فصار مكان الحمل الثور، وهي تنتقل على رأي بطليموس في ثلاثة آلاف سنة، وعلى رأي المتأخرين في ألفي سنة.
إذا علمت ذلك فاعلم أن الدّورة الفلكية في العروض الشّمالية تنقسم إلى ثلاثمائة وستين درجة، كما تقدمت الإشارة إليه؛ والسنة ثلاثمائة وستون يوما منقسمة على الاثني عشر برجا المتقدم ذكرها، لكل برج منها ثلاثون يوما، وتوزّع عليها الخمسة أيام والربع يوم، والليل والنهار يتعاقبان بالزيادة والنّقصان بحسب سير الشمس في تلك البروج، فما نقص من أحدهما زيد في الآخر، وذلك أنها إذا حلّت في رأس الحمل وهي آخذة في الارتفاع إلى جهة الشّمال، وذلك في السابع عشر من برمهات من شهور القبط، ويوافقه الحادي والعشرون من آذار من شهور السّريان، وهو مارس من شهور الروم، والرابع والعشرون من حرداد ماه من شهور الفرس، اعتدل الليل والنهار، فكان كل واحد منهما مائة وثمانين درجة، وهو أحد الاعتدالين في السنة، ويسمى الاعتدال الربيعيّ لوقوعه أوّل زمن الربيع، فيزيد