الأرض، انقسم لذلك مقدار تلك الحركة إلى الليل والنهار، فالنهار عبارة عن الوقت الذي تظهر فيه الشمس على ساكن ذلك الموضع من المعمور، والليل عبارة عن الوقت الذي تخفى عنهم فيه، فإنه يوجد وقت الصبح في موضع وقت طلوع الشمس في موضع آخر، وفي موضع آخر وقت الظهر، وفي موضع آخر وقت المغرب، وفي موضع آخر وقت نصف الليل.
ولما كانت منطقة البروج مقسومة إلى اثني عشر برجا، وكل برج إلى ثلاثين درجة، وكانت الشمس تقطع هذه المنطقة بحركة فلك الكل لها في زمان اليوم الجامع لليل والنهار، قسّم كل واحد منهما إلى اثني عشر جزءا، وجعل قسط كل جزء منها خمس عشرة درجة وسمّي ساعة. ثم لما كان الليل والنهار يزيد أحدهما على الآخر ويتساويان في الاعتدالين على ما مرّ، اضطرّ إلى أن تكون الساعات نوعين: مستوية وتسمّى المعتدلة، وزمانيّة وتسمّى المعوجّة. فالمستوية تختلف أعدادها في الليل والنهار، وتتفق مقاديرها بحسب طول النهار وقصره، فإنه إن طال كانت ساعاته أكثر، وإن قصر كانت ساعاته أقلّ، مقدار كل ساعة منه خمس عشرة درجة لا تزيد ولا تنقص، والمعوجة تتفق أعدادها وتختلف مقاديرها، فإن زمان النهار طال أو قصر ينقسم أبدا إلى اثنتي عشرة ساعة مقدار كل واحدة منها نصف سدس الليل والنهار، وهي في النهار الطويل أطول منها في القصير. والذي كانت العرب تعرفه من ذلك الزمانيّة دون المستوية، فكانوا يقسمون كلّا من الليل والنهار إلى اثنتي عشرة ساعة، ووضعوا لكل ساعة من ساعات الليل والنهار أسماء تخصّها.
فأما ساعات الليل فسمّوا الّاولى منها الشاهد، والثانية الغسق، والثالثة العتمة، والرابعة الفحمة، والخامسة الموهن، والسادسة القطع، والسابعة الجوشن، والثامنة الهتكة، والتاسعة التّباشير «١» ، والحادية عشرة الفجر الأوّل،