للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُونُ مُخَيَّرًا بِالتَّصَرُّفِ فِي الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِي ذِكْرُهَا:

١ - إنْ شَاءَ يُدَاوِمُ عَلَى حِفْظِ اللُّقَطَةِ لِأَجْلِ صَاحِبِهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَعِنْدَ وَفَاتِهِ يُوصِي بِهَا آخَرَ حَتَّى لَا يُدْخِلَهَا وَرَثَتُهُ فِي الْمِيرَاثِ وَلَا يَقْتَسِمُوهَا.

يَعْنِي أَنَّهُ يُبَيِّنُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ لُقَطَةٌ وَيُوصِي بِحِفْظِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ (الْفَتْحُ) .

٢ - وَإِنْ شَاءَ يَضَعُهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ كَيْ تُرَدَّ إلَى صَاحِبِهَا عِنْدَ وُجُودِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَوُجُودُ خَزِينَةٍ فِي بَيْتِ الْمَالِ لِمُحَافَظَةِ اللُّقَطَاتِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ.

٣ - وَإِنْ شَاءَ أَعْطَى اللُّقَطَةَ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَحْفَظَهَا بَعْدَ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ. وَالْحَاكِمُ يُقْرِضُهَا إلَى غَنِيٍّ إنْ كَانَتْ قَابِلَةً لِلْإِقْرَاضِ. وَإِذَا اسْتَقْرَضَهَا الْمُلْتَقِطُ مِنْ الْحَاكِمِ يَجُوزُ أَيْضًا. أَوْ أَنَّ الْحَاكِمَ يُعْطِيهَا إلَى غَنِيٍّ بِطَرِيقِ الْمُضَارَبَةِ.

وَإِذَا كَانَتْ اللُّقَطَةُ شَيْئًا يَحْتَاجُ إلَى الْبَيْعِ يَبِيعُهَا الْمُلْتَقِطُ أَوْ الْحَاكِمُ وَيَحْفَظُ ثَمَنَهَا. وَإِذَا بَاعَهَا الْحَاكِمُ لَيْسَ لِصَاحِبِهَا أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بَعْدَئِذٍ. وَأَمَّا إذَا كَانَتْ شَيْئًا قَابِلًا لِلْفَسَادِ وَلَمْ يَبِعْهَا الْمُلْتَقِطُ وَهَلَكَتْ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ. رَاجِعْ الْمَادَّةَ (٧٨٥) . .

٤ - وَإِنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى فَقِيرٍ عَلَى أَنْ يَعُودَ الثَّوَابُ عَلَى صَاحِبِهَا وَيَكُونُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَوْصَلَ الْحَقَّ إلَى مُسْتَحَقِّهِ.

يَعْنِي وَإِنْ يَكُنْ الْمُلْتَقِطُ مَجْبُورًا عَلَى إيصَالِ عَيْنِ اللُّقَطَةِ إلَى صَاحِبِهَا وَلَكِنْ بِمَا أَنَّ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ أَوْصَلَهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا. عَلَى اعْتِقَادِ أَنَّ صَاحِبَهَا يُجِيزُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَكَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى غَنِيٍّ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِ الْغَنِيِّ الصَّغِيرِ أَيْضًا (الْهِدَايَةُ وَعَبْدُ الْحَلِيمِ) .

وَإِذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَقِيرًا فَلَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى وَلَدِهِ الْفَقِيرِ وَزَوْجَتِهِ وَأَنْ يَبِيعَهَا إذَا كَانَتْ مُحْتَاجَةً لِلْبَيْعِ وَيَصْرِفَ ثَمَنَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، وَلَكِنْ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ فَقِيرًا يَجِبُ أَنْ يَأْخُذَ إذْنًا مِنْ الْحَاكِمِ مَتَى أَرَادَ أَنْ يَصْرِفَهَا عَلَى نَفْسِهِ. وَإِنْ قَالُوا: إنَّ صَرْفَهَا بِدُونِ إذْنٍ لَا يَحِلُّ فَعَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْمُتُونِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّ حِلَّ صَرْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِهَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إذْنِ الْقَاضِي (عَبْدُ الْحَلِيمِ) .

وَإِذَا وُجِدَ صَاحِبُ الْمَالِ بَعْدَ التَّصَدُّقِ فَإِنْ أَجَازَ التَّصَدُّقَ يَكُونُ ثَوَابُهُ عَائِدًا عَلَيْهِ. وَقِيَامُ اللُّقَطَةِ فِي يَدِ الْفَقِيرِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ هَذِهِ الْإِجَازَةِ وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهُ وَإِنْ كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً. وَإِنْ كَانَ عَدَمُ لُحُوقِ الْإِجَازَةِ مِنْ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ وَلَكِنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ أَيْ مَسْأَلَةَ الْإِجَازَةِ بَعْدَ هَلَاكِ اللُّقَطَةِ فِي يَدِ الْفَقِيرِ مُسْتَثْنَاةٌ.

وَلَكِنْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ صَاحِبُ اللُّقَطَةِ قَاصِرًا فَهُوَ غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّبَرُّعَاتِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَنْ يُجِيزَ التَّصَدُّقَ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَضْمَنَ كَمَا سَيُذْكَرُ رَاجِعْ مَادَّتَيْ (٥٨ و ٨٠) . وَإِنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مُخْتَارًا فِي التَّصَرُّفِ بِالْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يَبْعَثُ هَذَا الِاخْتِيَارُ إلَى إبْطَالِ حَقِّ صَاحِبِ الْمَالِ.

فَبِنَاءً عَلَيْهِ فِي صُوَرِ الْبَيْعِ وَالتَّصَدُّقِ لِصَاحِبِ الْمَالِ حَقُّ التَّضْمِينِ كَمَا يَأْتِي:

حَقُّ التَّضْمِينِ فِي التَّصَدُّقِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>