للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي زَمَانِنَا إحْدَاثُ جرصن أَوْ طَنَفٍ أَوْ إحْدَاثُ قَنَاةٍ وَتَطْهِيرُهَا وَحَفْرُ بِئْرٍ.

جَوَازُ إعْطَاءِ الْإِذْنِ فِي مِثْلِ هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ: قَدْ بَيَّنَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجُوزُ إعْطَاءُ الْإِذْنِ إذَا كَانَ لَا يَلِيقُ إعْطَاؤُهُ لِلتَّصَرُّفِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِسَبَبِ الْمُحْدَثَاتِ تَضُرُّ بِالنَّاسِ لِضِيقِ الطَّرِيقِ وَكَانَ ثَمَّةَ مَصْلَحَةٌ وَمَنْفَعَةٌ فِي إعْطَائِهِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .

وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا تُرْفَعُ تِلْكَ الْمُحْدَثَاتُ فِيمَا إذَا أَحْدَثَهَا الْمُحْدِثُ لِنَفْسِهِ.

أَمَّا إذَا أَحْدَثَهَا الْعَامَّةُ وَلَمْ تَكُنْ مُضِرَّةً فَيَجُوزُ بَقَاؤُهَا وَلَا تُرْفَعُ.

مَثَلًا: لَوْ زَرَعَ أَحَدٌ فِي زَاوِيَةٍ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ شَجَرَةً تَضُرُّ بِالْمَارَّةِ وَالْعَابِرِينَ وَأَمْكَنَ الْعَامَّةُ أَنْ تَسْتَظِلَّ بِهَا جَازَ وَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ مَا يَتَوَلَّدُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ.

تُوجَدُ قَاعِدَتَانِ فِي الْأَضْرَارِ الَّتِي تَحْصُلُ عَنْ الْأَشْيَاءِ الْمُحْدَثَةِ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ.

الْقَاعِدَةُ الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ لِلْوَاضِعِ حَقُّ الْوَضْعِ فِيهِ فِي أَيِّ مَكَان يُوضَعُ مِنْهُ.

فَلَا يُسْأَلُ عَنْ الضَّرَرِ الْمُتَوَلَّدِ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي وَضَعَهُ؛ لِأَنَّ الْجَوَازَ الشَّرْعِيَّ مُنَافٍ لِلضَّمَانِ.

وَسَوَاءٌ أَوَقَعَ ضَرَرٌ كَالتَّلَفِ وَقْتَ وَضْعِهِ الشَّيْءَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ أَوْ بَعْدَ زَوَالِهِ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ.

الْقَاعِدَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقٌّ فِي الْوَضْعِ فَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ الشَّيْءِ الَّذِي وَضَعَهُ مَا بَقِيَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي وَضَعَهُ فِيهِ.

أَمَّا لَوْ أَزَالَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَكَانِ إلَى جِهَةٍ أُخْرَى فَلَا يُسْأَلُ عَنْ الضَّرَرِ الَّذِي يَحْصُلُ بَعْدَئِذٍ (جَامِعُ الْفُصُولَيْنِ، الْخَانِيَّةُ) .

كَمَا لَوْ وُضِعَتْ جَمْرَةٌ فِي الطَّرِيقِ فَهَبَّتْ عَلَيْهَا الرِّيحُ وَأَزَالَتْهَا عَنْ مَكَانِهَا فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ وَكَذَا لَوْ وَضَعَ حَجَرًا فِي الطَّرِيقِ فَجَاءَ السَّيْلُ وَدَحْرَجَهُ فَكَسَرَ شَيْئًا لَا يَضْمَنُ الْوَاضِعُ؛ لِأَنَّ جِنَايَتَهُ قَدْ زَالَتْ بِالْمَاءِ وَالرِّيحِ (الْخَانِيَّةُ) .

وَتَتَفَرَّعُ مِنْ هَاتَيْنِ الْقَاعِدَتَيْنِ مَسَائِلُ عَدِيدَةٌ: قَدْ أُشِيرَ إلَى الْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الْأُولَى بِرَقْمِ (١) وَالْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بِرَقْمِ (٢) وَالْمَسَائِلِ الْمُتَفَرِّعَةِ مِنْ الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْقَاعِدَةِ الثَّانِيَةِ بِرَقْمِ (٣) وَهَا هُوَ بَيَانُ تِلْكَ التَّعْرِيفَاتِ:

١ - فَعَلَيْهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَغْرِسَ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ بِلَا إذْنِ وَلِيِّ الْأَمْرِ شَجَرَةً وَلَوْ وَضَعَ خَشَبًا أَوْ أَحْجَارًا أَوْ حَدِيدًا أَوْ تُرَابًا فَوَطِئَهُ حَيَوَانٌ آخَرُ مِنْ دُونِ أَنْ يَسُوقَهُ أَحَدٌ فَعَثَرَ وَعَطِبَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ كَذَا لَوْ وَضَعَ اثْنَانِ جِرَارَهُمْ أَوْ أَكْوَابَهُمْ فِي الطَّرِيقِ الْعَامِّ فَتَدَحْرَجَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فَكُسِرَتْ ضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا جِرَارَ الْآخَرِ (الْخَانِيَّةُ) اُنْظُرْ الْمَادَّةِ (٩٣) وَشَرْحَهَا وَلَوْ عَثَرَ رَجُلٌ بِالْخَشَبِ أَوْ الْأَحْجَارِ الَّتِي وَضَعَهَا آخَرُ وَهَلَكَ ضَمِنَ ذَلِكَ الشَّخْصُ دِيَتَهُ.

كَمَا سَيُوَضَّحُ قَرِيبًا.

٣ - لَكِنْ إذَا رَفَعَ أَحَدٌ تِلْكَ الْأَخْشَابِ وَالْأَحْجَارِ مِنْ مَكَانِهَا وَنَقَلَهَا إلَى غَيْرِهِ وَحَصَلَ بِسَبَبِهَا ضَرَرٌ لَزِمَ الضَّمَانُ هَذَا الشَّخْصَ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ قَدْ انْفَسَخَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>