وَكَذَّبَهُ الشَّفِيعُ، فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي. فَإِذَا أَقَامَ كِلَاهُمَا الْبَيِّنَةَ رُجِّحَتْ بَيِّنَةُ الشَّفِيعِ، وَالِاخْتِلَافُ فِي شَجَرِ الْأَرْضِ هَكَذَا أَيْضًا، وَلَكِنْ إنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي إذَا كَانَ مُحْتَمَلًا، حَتَّى إذَا قَالَ أَحْدَثْتُ فِيهَا هَذِهِ الْأَشْجَارَ أَمْسِ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ فِيمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْبِنَاءِ وَغَيْرِهِ، وَإِنْ قَالَ اشْتَرَيْتُهَا مِنْ عِشْرِينَ سَنَةً وَأَحْدَثْتُ فِيهَا هَذَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، (الْهِنْدِيَّةِ فِي الْبَابِ الْعَاشِرِ) .
أَحْكَامُ النُّقْصَانِ فِي الْمَشْفُوعِ: بِمَا أَنَّ لِلنُّقْصَانِ فِي الْمَشْفُوعِ أَحْكَامًا فَقَدْ رُئِيَ بِأَنَّهَا عَلَى الْوَجْهِ الْآتِي:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى - إذَا انْهَدَمَتْ أَوْ احْتَرَقَتْ أَوْ خَرِبَتْ الدَّارُ الْمَشْفُوعَةُ بِغَيْرِ فِعْلِ الْمُشْتَرِي أَوْ جَفَّتْ الْأَشْجَارُ الَّتِي فِي الْبُسْتَانِ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَنْقَاضِهَا شَيْءٌ أَيْ إذَا لَمْ يَأْخُذْهَا الْمُشْتَرِي وَضَاعَتْ فَإِذَا شَاءَ الشَّفِيعُ أَخَذَ الْعَرْصَةَ بِكُلِّ الثَّمَنِ. وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ شُفْعَتَهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ تَنْزِيلُ مِقْدَارٍ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابِلِ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ؛ لِأَنَّ الْأَشْجَارَ وَالْأَبْنِيَةَ بِمَا أَنَّهَا تَابِعَةٌ لِلْأَرْضِ، حَتَّى إنَّهَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ، (٢٣٢) ، فَلَا حِصَّةَ لَهَا مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ بِالِانْهِدَامِ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ أَحَدٍ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي عَلَيْهَا مَهْدُومًا. أَمَّا إذَا انْهَدَمَتْ الْأَبْنِيَةُ وَالْأَشْجَارُ وَانْقَلَعَتْ وَكَانَتْ الْأَنْقَاضُ مَوْجُودَةً فَيَلْزَمُ تَنْزِيلُ حِصَّةِ مَا يُصِيبُ الْمَوْجُودَةَ مِنْ الثَّمَنِ. بِنَاءً عَلَيْهِ يُقْسَمُ ثَمَنُ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ عَلَى قِيمَةِ الدَّارِ وَقْتَ الْعَقْدِ مَعَ قِيمَةِ الْأَنْقَاضِ يَوْمَ الْإِنْقَاضِ، الْأَخْذُ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الدَّارَ بِالشُّفْعَةِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَيَتْرُكُ الْأَنْقَاضَ لِلْمُشْتَرِي، (فَتْحُ الْمُعِينِ) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذَا لَمْ يَكُنْ التَّلَفُ فِي الْمَشْفُوعِ فِي الْأَوْصَافِ، عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ آنِفًا، وَكَانَ جُزْئِيًّا، سَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ ظَهَرَ الشَّفِيعُ لِلْعَرْصَةِ بَعْدَ أَنْ غَمَرَ الْبَحْرُ أَوْ الْمَاءُ مِقْدَارًا مِنْهَا فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْبَاقِيَ مِنْ الْعَرْصَةِ سَالِمًا بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْغَائِبَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْضُ الْأَصْلِ، أَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَالْغَائِبُ وَصْفٌ، (فَتْحُ الْمُعِينِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
كَذَلِكَ لَوْ زَرَعَ الْمُشْتَرِي الْعَرْصَةَ الْمُشْتَرَاةَ، فَحَصَلَ فِيهَا نُقْصَانٌ بِسَبَبِ الزِّرَاعَةِ، فَأَخَذَهَا الشَّفِيعُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالشُّفْعَةِ، فَيَقْسِمُ الثَّمَنَ بَيْنَ قِيمَةِ الْأَرْضِ يَوْمَ الِاشْتِرَاءِ وَقِيمَتِهَا بَعْدَ الزِّرَاعَةِ، وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ، (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّانِي) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: إذَا هَدَمَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ الْمَشْفُوعَةَ، فَالشَّفِيعُ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ أَخَذَ عَرْصَةَ الدَّارِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ الْأَبْنِيَةُ الَّتِي تُعَدُّ مِنْ الْأَوْصَافِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مَقْصُودَةً بِسَبَبِ الْإِتْلَافِ، وَحَيْثُ إنَّهُ إذَا قَصَدَ الشَّيْءَ الَّذِي يَكُونُ تَبَعًا بِالْإِتْلَافِ فَيَجِبُ أَخْذُهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَتَرْكُ الْأَنْقَاضِ لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ سَيَأْخُذُ الْبِنَاءَ بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ، فَلَمْ تَبْقَ التَّبَعِيَّةُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: هَدْمُ الْأَجْنَبِيِّ لِلْبِنَاءِ كَهَدْمِ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ، بِنَاءً عَلَيْهِ فَيَجْرِي فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ الْآنِفَةِ، (فَتْحُ الْمُعِينِ، مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute