قَدْ أُدِّيَتْ وَلَا يَحِقُّ لِلطَّرَفَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ. كَذَلِكَ لَوْ أَدَّى الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ فِضَّةً بَدَلًا عَنْ دَيْنِهِ الذَّهَبَ، وَرَضِيَ الدَّائِنُ بِذَلِكَ وَقَبَضَ الْفِضَّةَ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَيَكُونُ أَدَّى الدَّيْنَ وَلَيْسَ لِلطَّرَفَيْنِ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ، أَمَّا إذَا افْتَرَقَ الطَّرَفَانِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَ قَبْضِ الْخَمْسِمِائَةِ الدِّرْهَمِ أَوْ قَبْضِ الْفِضَّةِ بَدَلَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ افْتِرَاقُ دَيْنٍ عَنْ دَيْنٍ فَهُوَ بَاطِلٌ (قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَبْضُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ إذَا افْتَرَقَا عَنْ قَبْضِهِمَا فِي الصَّرْفِ أَوْ عَنْ قَبْضِ أَحَدِهِمَا فِي غَيْرِ الصَّرْفِ) . (الطَّحْطَاوِيُّ فِي الْقَرْضِ) . كَذَلِكَ إذَا تَرَاضَى الدَّائِنُ وَالْمَدِينُ عَلَى دَفْعِ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ بَدَلًا عَنْ الْخَمْسِينَ كَيْلَةَ الدَّيْنِ، وَحَرَّرَ سَنَدًا بِذَلِكَ ثُمَّ افْتَرَقَا كَانَتْ هَذِهِ الْمُعَامَلَةُ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّهُ افْتِرَاقٌ عَنْ دَيْنٍ بِدَيْنٍ (الْخَيْرِيَّةُ فِي الْبُيُوعِ) كَذَلِكَ لَوْ بَاعَ الْمَدِينُ فَرَسًا لِلدَّائِنِ مُقَابِلَ دَيْنِهِ الْعِشْرِينَ دِينَارًا وَقِبَلَ الدَّائِنُ الشِّرَاءَ جَازَ وَصَحَّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ تَسْلِيمُ الْفَرَسِ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ افْتِرَاقَ دَيْنٍ عَنْ دَيْنٍ. إيضَاحُ الْإِيجَارِ: إذَا اسْتَأْجَرَ الدَّائِنُ مِنْ الْمَدِينِ مَالًا مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ أَوْ اسْتَأْجَرَ وَاسْتَخْدَمَ نَفْسَ الْمَدِينِ جَازَ وَيَكُونُ قَدْ أَدَّى الدَّيْنَ.
(ثَانِيًا) يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ دَيْنِ دَائِنِهِ بِحَوَالَةِ دَائِنِهِ عَلَى آخَرَ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٠ ٦٩) . كَذَلِكَ لَوْ قَبِلَ أَحَدٌ دَيْنَ الْمَدِينِ عَلَى نَفْسِهِ حَوَالَةً بِدُونِ أَمْرِ الْمَدِينِ بَرِئَ الْمَدِينُ مِنْ الدَّيْنِ.
(ثَالِثًا) يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ دَيْنِ دَائِنِهِ بِأَدَاءِ كَفِيلِهِ لِلدَّيْنِ كَمَا بَيَّنَ فِي كِتَابِ الْكَفَالَةِ (رَابِعًا) يَبْرَأُ الْمَدِينُ مِنْ دَيْنِ دَائِنِهِ بِأَدَاءِ شَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ الدَّيْنَ مَثَلًا لَوْ أَدَّى أَحَدٌ دَيْنَ أَحَدٍ تَبَرُّعًا أَوْ بِأَمْرِ الْمَدِينِ جَازَ، وَإِذَا ثَبَتَ بَعْدَ الْأَدَاءِ تَبَرُّعًا أَنْ لَيْسَ لِلدَّائِنِ دَيْنٌ أَوْ أَنَّ الدَّائِنَ قَدْ أَبْرَأَ الْمَدِينَ إبْرَاءَ إسْقَاطٍ يَرْجِعُ الشَّيْءُ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُتَبَرِّعُ إلَى مِلْكِهِ وَلَيْسَ إلَى مِلْكِ الْمَدِينِ أَمَّا إذَا أَدَّى الدَّيْنَ بِأَمْرِ الْمَدِينِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنْ لَيْسَ لِدَائِنٍ دِينٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ يَرْجِعُ الْمَالُ الْمَدْفُوعُ إلَى مِلْكِ الْمَدِينِ، وَالْمَدِينُ يَضْمَنُهُ أَيْضًا لِلْمَأْمُورِ (الْأَنْقِرْوِيُّ فِي الْمُدَايَنَاتِ) .
(خَامِسًا) إذَا تُوُفِّيَ الدَّائِنُ وَكَانَ الْمَدِينُ وَارِثًا لَهُ بِالْحَصْرِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الْمَدِينِ مَثَلًا لَوْ أَعْطَى الْأَبُ لِوَلَدِهِ خَمْسِينَ دِينَارًا قَرْضًا ثُمَّ تُوُفِّيَ الْأَبُ وَانْحَصَرَ إرْثُهُ فِي وَلَدِهِ الْمَدِينِ يَسْقُطُ الدَّيْنُ عَنْ الْوَلَدِ كَامِلًا. أَمَّا إذَا كَانَ لِلْأَبِ الْمُتَوَفَّى وَلَدٌ آخَرَ يَسْقُطُ عَنْ الْوَلَدِ الْمَدِينِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا فَقَطْ وَيَكُونُ مُلْزَمًا بِأَدَاءِ الْخَمْسَةِ وَالْعِشْرِينَ دِينَارًا الْأُخْرَى لِأَخِيهِ. (الْخَانِيَّةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدِينِ) أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: رَجُلٌ مَرَقَ مِنْهُ مَالٌ. . . إلَخْ.
اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٦٦٧) .
(سَادِسًا) كَذَلِكَ يُعْتَبَرُ أَنَّ الدَّيْنَ أُدِّيَ بِصُورَةِ التَّقَاصِّ. وَذَلِكَ لَوْ ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ أَحَدٍ دَيْنٌ لِآخَرَ عَشْرَةَ دَنَانِيرَ ثُمَّ ثَبَتَ فِي ذِمَّةِ ذَلِكَ الدَّائِنِ مِثْلُهَا لِلْمَدِينِ فَيُعْتَبَرُ الدَّيْنُ الثَّانِي قَدْ قَضَى بِالدَّيْنِ الْأَوَّلِ وَلَا يَحِقُّ لِأَحَدِهِمَا مُطَالَبَةُ الْآخَرِ بِشَيْءٍ مَثَلًا لَوْ كَانَ لِأَحَدٍ فِي ذِمَّةِ الْآخَرِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَبَاعَ الْمَدِينُ لِلدَّائِنِ مَالًا بِثَمَنٍ مُسَمًّى عَشَرَةَ دَنَانِيرَ، أَوْ أَتْلَفَ الدَّائِنُ مَالًا لِلْمَدِينِ قِيمَتَهُ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ أَوْ اسْتَهْلَكَهُ يَقَعُ التَّقَاصُّ وَلَا يُشْتَرَطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute