للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي ذَلِكَ التَّرَاضِي لِأَنَّهُ وُجِدَ مِنْهُ الْقَبْضُ (الْهِنْدِيَّةُ فِي كِتَابِ الصَّرْفِ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ مِنْ الْفَصْلِ الْأَوَّلِ) وَيُوجَدُ أَرْبَعَةُ شُرُوطٍ فِي وُقُوعِ التَّقَاصِّ بِدُونِ تَرَاضٍ:

الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - أَنْ يَكُونَ كِلَاهُمَا دَيْنًا، فَلِذَلِكَ لَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ فِي الْوَدِيعَةِ عَنْ الدَّيْنِ بِدُونِ التَّرَاضِي مَثَلًا: لَوْ كَانَ زَيْدٌ مَدِينًا لِعَمْرٍو بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ أَوْدَعَ زَيْدٌ عَمْرًا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَلَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ بِذَلِكَ بِدُونِ التَّرَاضِي، وَإِذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ عِنْدَ التَّرَاضِي فِي يَدِ الْمُسْتَوْدَعِ تَمَّ التَّقَاصُّ أَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ بَلْ كَانَتْ فِي دَارِهِ مَثَلًا فَلَا يَتِمُّ التَّقَاصُّ مَا لَمْ يَرْجِعْ إلَى دَارِهِ وَيَأْخُذْهَا (الْأَشْبَاهُ وَالْحَمَوِيُّ وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .

أَمَّا إذَا اسْتَهْلَكَ الْمُسْتَوْدَعُ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ وَلَزِمَ ذِمَّتَهُ دَيْنٌ ضَمَانًا لِتِلْكَ الْوَدِيعَةِ فَيَحْصُلُ حِينَئِذٍ التَّقَاصُّ بِدُونِ التَّرَاضِي.

الشَّرْطُ الثَّانِي - أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُعَجَّلَيْنِ فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ الدَّيْنَانِ مُؤَجَّلَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُؤَجَّلًا وَالْآخَرُ مُعَجَّلًا فَلَا يَحْصُلُ التَّقَاصُّ مَا لَمْ يَتَّفِقْ الطَّرَفَانِ.

الشَّرْطُ الثَّالِثُ - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُتَّحِدَيْنِ جِنْسًا فَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذَهَبًا وَالْآخَرُ فِضَّةً فَلَا يَقَعُ التَّقَاصُّ بِدُونِ التَّرَاضِي كَمَا أَنَّهُ لَا يَقَعُ أَيْضًا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا سِكَّةً خَالِصَةً وَالْآخَرُ سِكَّةً مَغْشُوشَةً (الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الثَّالِثِ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ مِنْ الصَّرْفِ بِزِيَادَةٍ) . يَقَعُ التَّقَاصُّ فِي الدَّيْنَيْنِ الْمُخْتَلِفِي الْجِنْسِ بِالتَّرَاضِي وَذَلِكَ لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو عَشَرَةُ دَنَانِيرَ ثُمَّ بَاعَ عَمْرٌو لِزَيْدٍ مَالًا بِخَمْسِينَ رِيَالًا وَاتَّفَقَا عَلَى التَّقَاصِّ جَازَ (الْهِنْدِيَّةُ مِنْ الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ) .

الشَّرْطُ الرَّابِعُ - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ مُتَسَاوِيَيْنِ قُوَّةً فَلِذَلِكَ لَوْ كَانَ لِلزَّوْجِ دَيْنٌ فِي ذِمَّةِ الزَّوْجَةِ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ وَطَلَبَتْ الزَّوْجَةُ نَفَقَةً مِنْ زَوْجِهَا فَلَا يَقَعُ تَقَاصٌّ بَيْنَ الدَّيْنِ الْمَطْلُوبِ لِلزَّوْجِ وَبَيْنَ النَّفَقَةِ الْمَطْلُوبَةِ بِلَا رِضَاءِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ دَيْنَ النَّفَقَةِ أَضْعَفُ (الْأَنْقِرْوِيُّ) .

سَابِعًا - يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِالْإِبْرَاءِ، وَذَلِكَ لَوْ سَمِعَ الدَّائِنُ أَنَّ مَدِينَهُ تُوُفِّيَ فَأَبْرَأَهُ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَ الدَّيْنَ إلَيْهِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الْمَدِينَ حَيٌّ يُرْزَقُ تَمَّتْ الْبَرَاءَةُ وَلَيْسَ لِلدَّائِنِ الرُّجُوعُ عَنْ إبْرَائِهِ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١ ٥) لِأَنَّهُ وَهَبَهُ مِنْهُ بِغَيْرِ شَرْطٍ. (الْخَانِيَّةُ فِي بَرَاءَةِ الْغَاصِبِ وَالْمَدِينِ) .

إنَّ الْإِبْرَاءَ عَلَى وَجْهَيْنِ:

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ - أَنْ يُبْرِئَ الْمُبْرِئُ وَهُوَ عَالِمٌ بِحَقِّهِ وَمَطْلُوبِهِ، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ دِيَانَةً وَحُكْمًا وَقَضَاءً بِالِاتِّفَاقِ وَيَسْقُطُ الْحَقُّ.

الْوَجْهُ الثَّانِي - أَنْ يُبْرِئَ الْمُبْرِئُ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ حَقَّهُ وَمَطْلُوبَهُ وَفِي الْإِبْرَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ تَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ حُكْمًا وَقَضَاءً وَتَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ دِيَانَةً أَيْضًا عِنْدَ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ وَالْمُفْتَى بِهِ هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ إسْقَاطٌ وَالْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِسْقَاطِ (الْخَانِيَّةُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>