للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِذْنِهِ مَالًا أَزْيَدَ مِنْ حِصَّتِهِ فِي الْأَمْوَالِ الْغَيْرِ الرِّبَوِيَّةِ فَيَكُونُ جَائِزًا.

(وَخَامِسًا) أَنْ يُفْرِزَ حَقَّ طَرِيقِ وَشُرْبِ وَمَسِيلِ كُلِّ حِصَّةٍ أَيْ أَنْ لَا يَبْقَى لِأَيِّ حِصَّةٍ حَقُّ طَرِيقٍ وَحَقُّ مَسِيلٍ فِي حِصَّةٍ أُخْرَى قَطْعًا لِلنِّزَاعِ وَلِتَكَامُلِ مَنْفَعَةِ كُلِّ حِصَّةٍ مِنْ الْحِصَصِ إذَا أَمْكَنَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ شُرِعَتْ لِتَكْمِيلِ الْمَنْفَعَةِ وَهِيَ تَحْصِيلٌ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ تُفْرَزْ الْحِصَصُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَتَبْقَى بَعْضُ الْحِصَصِ مَخْلُوطَةً بِالْحِصَصِ الْأُخْرَى وَمُعَلَّقَةً بِهَا وَلَا يَحْصُلُ الِانْفِصَالُ مِنْ وَجْهٍ (الطُّورِيُّ) .

وَهَذَا الشَّرْطُ الْخَامِسُ هُوَ بَيَانٌ لِلْأَفْضَلِ فَلِذَلِكَ لَوْ تُرِكَ حَقُّ طَرِيقِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ مِنْ حِصَّةِ الْآخَرِ جَازَ وَلَوْ كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ إجْرَاءُ الْقِسْمَةِ بِدُونِ ذَلِكَ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١١٦٦) كَمَا أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ تَعْبِيرٍ (إذَا أَمْكَنَ) أَنَّهُ فِي حَالَةِ عَدَمِ الْإِمْكَانِ أَنْ يُتْرَكَ حَقُّ مَسِيلِ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ فِي حِصَّةِ الْآخَرِ، وَهَذِهِ الْإِيضَاحَاتُ لَيْسَتْ مُنَافِيَةً لِلْمَادَّتَيْنِ (١١٦٦ و ١١٦٧) .

كَذَلِكَ لَوْ اقْتَسَمَ اثْنَانِ الدَّارَ الْمُشْتَرَكَةَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ طَرِيقٌ لِحِصَّةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ فَيَنْظُرُ: فَإِذَا كَانَ يُمْكِنُ لِلشَّرِيكِ الْمَذْكُورِ أَنْ يَفْتَحَ طَرِيقًا مِنْ حِصَّتِهِ يُمْكِنُ مُرُورُ إنْسَانٍ مِنْهَا جَازَ التَّقْسِيمُ لِأَنَّ التَّقْسِيمَ الْوَاقِعَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِتَفْوِيتِ الْمَنْفَعَةِ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مُمْكِنٍ فَتْحُ طَرِيقٍ كَهَذِهِ فِي حِصَّتِهِ يُنْظَرُ أَيْضًا: فَإِذَا كَانَ يَعْلَمُ بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ طَرِيقٌ فِي حِصَّتِهِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ فَاسِدَةً وَإِذَا كَانَ يُعْلَمُ عَدَمُ وُجُودِ طَرِيقٍ لِحِصَّتِهِ فَتَجُوزُ الْقِسْمَةُ لِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ رَضِيَ بِهَذَا التَّقْسِيمِ وَقَبِلَ حِصَّتَهُ بِعَيْبِهَا (الطُّورِيُّ) .

قَدْ ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (١١٤٣) أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ الطَّرِيقُ فِي تَقْسِيمِ الدَّارِ لَا أَقَلَّ مِنْ مِقْدَارٍ يَمُرُّ مِنْهُ إنْسَانٌ وَاَلَّتِي تَكُونُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا تَكُونُ طَرِيقًا وَلَا يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ بِمِقْدَارٍ يَمُرُّ مِنْهَا الْجَمَلُ (الْهِنْدِيَّةُ) .

(وَسَادِسًا) أَنْ يُلَقِّبَ الْحِصَصَ بِالْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ أَيْ أَنْ يُسَمِّيَهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ سَحْبِ الْقُرْعَةِ ثُمَّ يُرَتِّبُ أَوْرَاقَ الْقُرْعَةِ وَبَعْدَ تَحْرِيرِ أَسْمَاءِ أَصْحَابِهَا عَلَى الْوَرَقِ وَطَيِّ الْوَرَقِ بِصُورَةٍ لَا تُمَكِّنُ قِرَاءَةَ الْكِتَابَةِ مِنْ الْخَارِجِ وَوَضْعِهَا فِي وِعَاءٍ وَخَلْطِهَا بَعْضِهَا بِبَعْضٍ بِصُورَةٍ لَا يُعْلَمُ أَصْحَابُهَا مِنْ الْخَارِجِ تُسْحَبُ الْقُرْعَةُ وَسَحْبُهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ لِتَطْيِيبِ الْقُلُوبِ وَلِإِزَالَةِ تُهْمَةِ الْمَيْلِ وَالصُّحْبَةِ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَيْ إذَا بَاشَرَ الْقَاضِي أَوْ الْقَسَّامُ الْقِسْمَةَ فَيَلْزَمُ سَحْبُ الْقُرْعَةِ.

سُؤَالٌ - إنَّ تَعْيِينَ الِاسْتِحْقَاقِ بِالْقُرْعَةِ مَيْسِرٌ فَهُوَ حَرَامٌ إذْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ زَوْجَتَانِ وَقَالَ: إنَّنِي طَلَّقْتُ إحْدَاهُمَا لَمْ يَجُزْ سَحْبُ الْقُرْعَةِ لِتَعْيِينِ الزَّوْجَةِ الْمُطَلَّقَةِ؟ .

الْجَوَابُ - إنَّ الْقُرْعَةَ قِسْمَةٌ لَيْسَتْ لِإِثْبَاتِ الِاسْتِحْقَاقِ لِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ ثَابِتٌ قَبْلَ الْقُرْعَةِ حَتَّى أَنَّ لِلْقَاضِي الْحَقَّ أَنْ يُلْزِمَ الْمُتَقَاسِمِينَ بِدُونِ قُرْعَةٍ بِقَوْلِهِ: إنَّ هَذِهِ الْحِصَّةَ اسْتِحْقَاقُكَ. أَمَّا الْقِمَارُ فَهُوَ مُسْتَعْمَلٌ لِإِثْبَاتِ بَاطِلٍ وَحَرَامٍ غَيْرِ ثَابِتٍ فِي الْأَوَّلُ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْقُرْعَةِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: ١٣٩] {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الصافات: ١٤٠] {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ} [الصافات: ١٤١]

<<  <  ج: ص:  >  >>