أَوَّلًا) التَّنَاقُضُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُدَّعِي (ثَانِيًا) التَّنَاقُضُ الْحَاصِلُ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَشُهُودِهِ (ثَالِثًا) التَّنَاقُضُ الصَّادِرُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
مَثَلًا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي مَالًا وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَائِلًا: لَيْسَ لَك عِنْدِي حَقٌّ مُطْلَقًا فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي دَعْوَاهُ فَإِذَا أَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شُهُودًا عَلَى إيفَائِهِ ذَلِكَ أَوْ عَلَى إبْرَاءِ الْمُدَّعِي لَهُ فَتُقْبَلُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْحَقِّ يَكُونُ بَعْضًا قَضَاءً دَفْعًا لِلْخُصُومَةِ وَبَعْضًا إبْرَاءً وَلِذَلِكَ فَإِمْكَانُ التَّوْفِيقِ مَوْجُودٌ (رَدُّ الْمُحْتَارِ بِزِيَادَةٍ) . كَذَلِكَ إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ إنَّ لِي دَفْعًا سَأُحْضِرُهُ وَقَالَ لَهُ الْقَاضِي إنَّ الدَّفْعَ يَكُونُ بِالْإِبْرَاءِ أَوْ الْإِيفَاءِ فَأَيَّهمَا تَدَّعِي فَأَجَابَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَدَّعِيهِمَا مَعًا وَوَفَّقَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ تَنَاقُضًا. وَتَوْفِيقُ ذَلِكَ يَكُونُ بِقَوْلِهِ: قَدْ أَوْفَيْت بَعْضَ ذَلِكَ الْمَالِ وَأَبْرَأَنِي مِنْ بَعْضِهِ أَوْ بِقَوْلِهِ: قَدْ أَوْفَيْته جَمِيعًا فَأَنْكَرَ إيفَائِي فَرَجَوْته فَأَبْرَأَنِي مِنْهُ أَوْ بِقَوْلِهِ قَدْ أَبْرَأَنِي مِنْهُ ثُمَّ أَنْكَرَ الْإِبْرَاءَ فَأَوْفَيْته.
أَمَّا التَّنَاقُضُ فَلَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الدَّعْوَى وَلَوْ لَمْ يَجْرِ تَوْفِيقٌ (الْهِنْدِيَّةُ) . مَثَلًا لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّهُ كَانَ مُسْتَأْجِرًا فِي دَارِ أَوْ مُزَارِعًا فِي أَرْضٍ أَوْ مُسْتَعِيرًا مَالًا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ الدَّارَ أَوْ الْأَرْضَ مِلْكُهُ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ. اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٥٨٣) وَلَكِنْ لَوْ قَالَ بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةٍ يُمْكِنُ الشِّرَاءُ فِيهَا بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ مُوَفِّقًا كَلَامَيْهِ كُنْت مُسْتَأْجِرًا أَوْ مُزَارِعًا أَوْ مُسْتَعِيرًا ثُمَّ اشْتَرَيْتهَا مِنْ مَالِكِهَا فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ فَإِذَا أَثْبَتَ شِرَاءَهُ بَعْدَ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَأْخُذُ تِلْكَ الدَّارَ. أَمَّا لَوْ قَالَ: إنَّنِي اشْتَرَيْتهَا قَبْلَ الِاسْتِئْجَارِ فَلَا يَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ أَحَدٌ بِأَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ لِفُلَانٍ ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ إقْرَارِهِ هَذَا بَعْدَ مُرُورِ مُدَّةٍ يُمْكِنُ فِيهَا الِاشْتِرَاءُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْمَالَ مَالُهُ وَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بَعْدَ إقْرَارِهِ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ الْهِبَةَ مَعَ الْقَبْضِ فِي مَالٍ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَرَجَعَ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى بِأَنَّهُ اشْتَرَى ذَلِكَ الْمَالَ بَعْدَ مُدَّةٍ مِنْ الْهِبَةِ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ (تَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ) . وَلَوْ ادَّعَى وَقْتًا قَبْلَ وَقْتِ الْهِبَةِ لَا يُقْبَلُ وَالْفَرْقُ أَنَّ التَّوْفِيقَ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مُمْكِنٌ وَفِي الْوَجْهِ الثَّانِي لَا يُمْكِنُ فَيَتَحَقَّقُ التَّنَاقُضُ (الدُّرَرُ بِاخْتِصَارِ) .
كَذَلِكَ لَوْ ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى آخَرَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةَ الْمِقْدَارِ مِنْ جِهَةِ الْقَرْضِ أَوْ مِنْ جِهَةِ ثَمَنِ الْمَبِيعِ وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: مَا أَخَذْت مِنْك شَيْئًا وَمَا أَخَذَ مِنْك دَيْنًا أَوْ لَا يَلْزَمُنِي شَيْءٌ لَك أَوْ لَمْ يَجْرِ بَيْنِي وَبَيْنَك أَيُّ مُعَامَلَةٍ مُطْلَقًا أَوْ لَا أَعْرِفُك قَطُّ أَوْ لَمْ أَنْظُرْك مُطْلَقًا أَوْ لَمْ أَجْتَمِعْ مَعَك فِي مَكَانٍ وَبَعْدَ أَنْ أَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ ادَّعَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَوْفَى الْمَبْلَغَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ قَوْلِهِ ذَلِكَ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَهُ مِنْهُ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ لِلتَّنَاقُضِ. (عَلِيٌّ أَفَنْدِي) إذْ لَا يُمْكِنُ تَوْفِيقُ هَذَا التَّنَاقُضِ حَيْثُ إنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ادَّعَى عَدَمَ أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الْمُدَّعِي فَقَوْلُهُ بِأَنَّهُ أَوْفَى الْمُدَّعِيَ أَوْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَبْرَأَهُ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ لَا يَقْبَلُ التَّأْوِيلَ (الدُّرُّ الْمُخْتَارُ وَتَكْمِلَةُ رَدِّ الْمُحْتَارِ وَالطَّحْطَاوِيُّ) مَا لَمْ يَقُلْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُوَفِّقًا: وَإِنْ يَكُنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute