كَذَلِكَ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْ الشَّخْصَيْنِ الْمَالَ الَّذِي هُوَ فِي يَدِ آخَرَ بِأَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ بَاعَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْآخَرِ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّهُ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ قَدْ أَصْبَحَ الْمَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَبِنُكُولِهِ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ لِلْمُدَّعِي الْآخَرِ لَا يَكُونُ الْمَالُ لِلْآخَرِ فَلَا يَكُونُ فَائِدَةٌ مِنْ تَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ إذَا كَانَتْ بَذْلًا فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَبْذُلَ أَوْ يُحْسِنَ بِمَالِ غَيْرِهِ وَإِذَا كَانَتْ إقْرَارًا فَلَا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٨) .
وَتَعْبِيرُ الِاشْتِرَاءِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ هُوَ لِلِاحْتِرَازِ مِنْ الْغَصْبِ الْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِيهِمَا خِلَافُ ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ: - إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ أَحَدٍ قَائِلًا كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَعْوَاهُ: قَدْ غَصَبْتَ مِنْ هَذَا الْمَالَ، فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْغَصْبِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْآخَرِ فَيُسَلَّمُ ذَلِكَ الْمَالُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِلْمُدَّعِي الْآخَرِ فَإِذَا نَكِلَ عَنْ الْيَمِينِ يَضْمَنُ بَدَلَ الْمَالِ لِلْآخَرِ (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ مِنْ الدَّعْوَى وَالْأَنْقِرْوِيُّ) .
الْوَدِيعَةُ - إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ أَحَدٍ قَائِلًا كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَعْوَاهُ: إنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مَالِي قَدْ سَلَّمْتُهُ وَدِيعَةً لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْآخَرِ فَتُسَلَّمُ تِلْكَ الْوَدِيعَةُ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَيَحْلِفُ عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّالِثِ بِالطَّلَبِ لِلْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْوَدِيعَةِ هُوَ مُلْتَزِمٌ الْحِفْظَ لِلْمُودِعِ، وَبِإِقْرَارِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ يَكُونُ قَدْ سَلَّطَهُ لِأَخْذِ وَضَبْطِ الْوَدِيعَةِ وَتَرَكَ الْحِفْظَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ بِالْعَقْدِ فَوَجَبَ عَلَيْهِ الضَّمَانُ لِلْآخَرِ، أَمَّا عِنْدَ الْإِمَامِ الثَّانِي فَيَلْزَمُهُ الْيَمِينُ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الْوَدِيعَةِ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَاقِعٌ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يُوجِبُ ذَلِكَ ضَمَانًا عَلَى الْمُقَرِّرِ الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي.
٣ - إذَا ادَّعَى اثْنَانِ الْمَالَ الَّذِي فِي يَدِ آخَرَ - الْمِلْكُ الْمُرْسَلُ الْمُطْلَقُ يَعْنِي إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ مَالُهُ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ الْمَذْكُورِ لَهُمَا فَيُسَلَّمُ الْمَالُ لَهُمَا وَلَا يَضْمَنُ لِأَحَدِهِمَا شَيْئًا، أَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّ الْمَالَ الْمَذْكُورَ هُوَ لِأَحَدِهِمَا وَأَنْكَرَ دَعْوَى الْآخَرِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُقِرَّ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَيُقْبَلُ هَذَا الْإِقْرَارُ وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِلْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ بِادِّعَاءِ الْمُدَّعِينَ الْمُجَرَّدِ لَا تَبْطُلُ يَدُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمِلْكِيَّتُهُ، فَإِقْرَارُهُ يَكُونُ قَاصِرًا عَلَى نَفْسِهِ وَمُعْتَبَرًا وَلَا فَائِدَةَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ تَحْلِيفِهِ الْيَمِينَ لِلْغَيْرِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَكِلَ فَلَا يُحْكَمُ بِالْمَالِ الَّذِي أُعْطِيَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِحُكْمِ الْقَاضِي إلَّا أَنَّهُ فِي هَذَا الْحَالِ لِذَلِكَ الْمُدَّعِي أَنْ يُقَاضِيَ الْمُقَرَّ لَهُ وَفِي مِثْلِ هَذِهِ الدَّعْوَى أَيْ فِي دَعْوَى الْمِلْكِ الْمُرْسَلِ - الْمُطْلَقِ - إذَا أَنْكَرَ ذُو الْيَدِ دَعْوَى الْمُدَّعِينَ فَيَحْلِفُ بِطَلَبِهِمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً عَلَى قَوْلٍ، وَعَلَى دَفْعَتَيْنِ عَلَى قَوْلٍ آخَرَ أَيْ أَنَّهُ يَحْلِفُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا (الْأَنْقِرْوِيُّ) وَلِلْقَاضِي أَنْ يُحَلِّفَ أَوَّلًا لِمَنْ يُرِيدُ وَلَهُ أَنْ يُعَيِّنَ بِالْقُرْعَةِ مَنْ يَجِبُ تَحْلِيفُهُ قَبْلًا تَطْيِيبًا لِلْقُلُوبِ، فَإِذَا نَكِلَ أَوَّلًا عَنْ الْحَلِفِ لِأَحَدِهِمَا فَلَا يَحْكُمُ الْقَاضِي بِهَذَا النُّكُولِ فِي الْحَالِ بَلْ يُحَلِّفُهُ لَهُ مِنْ أَجْلِ الثَّانِي (الْوَلْوَالِجِيَّةِ فِي آدَابِ الْقَاضِي) فَإِذَا حَلَفَ لِلِاثْنَيْنِ يَبْرَأُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا حَلَفَ لِأَحَدِهِمَا وَنَكِلَ عَنْ الْحَلْفِ لِلْآخَرِ فَيُحْكَمُ بِمَجْمُوعِ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي الَّذِي نَكِلَ عَنْ حَلْفِ الْيَمِينِ إلَيْهِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: الْإِقْرَارُ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ وَقَبْلَ التَّزْكِيَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute