الِاحْتِمَالُ الْخَامِسُ: أَنْ يَدَّعِيَ كِلَا الطَّرَفَيْنِ أَنَّهُ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الْعَقَارِ الْمُدَّعَى بِهِ وَسَيَجِيءُ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ الْآتِيَةِ.
مُسْتَثْنًى - وَيُسْتَثْنَى مِنْ لُزُومِ إثْبَاتِ وَضَاعَةِ الْيَدِ فِي دَعْوَى الْعَقَارِ مَسَائِلُ الشِّرَاءِ وَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ، وَهِيَ أَنَّهُ: إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي قَائِلًا: إنِّي كُنْت اشْتَرَيْت ذَلِكَ الْعَقَارَ مِنْك أَوْ مِنْ مُوَرِّثِك فُلَانٍ أَوْ كُنْت غَصَبْته مِنِّي فَيَكْفِي تَصَادُقُ الطَّرَفَيْنِ عَلَى وَضَاعَةِ الْيَدِ وَلَا حَاجَةَ إلَى إثْبَاتِ كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذَا الْيَدِ (الْحَمَوِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ تَصِحُّ دَعْوَى الْغَصْبِ الَّذِي هُوَ فِعْلٌ مِنْ ذِي الْيَدِ وَمِنْ غَيْرِ ذِي الْيَدِ، فَعَلَيْهِ كَمَا يَصِحُّ ادِّعَاءُ أَحَدٍ عَلَى آخَرَ قَائِلًا (أَنْتَ غَصَبْت عَقَارِي الْفُلَانِيَّ وَهُوَ فِي يَدِك فَسَلِّمْهُ لِي) يَصِحُّ أَيْضًا ادِّعَاؤُهُ أَيْضًا بِقَوْلِهِ (أَنْتَ غَصَبْت عَقَارِي وَبِعْته وَسَلَّمْته لِفُلَانٍ فَاضْمَنْ بَدَلَهُ) حَيْثُ إنَّ الْغَاصِبَ إذَا بَاعَ الْعَقَارَ الْمَغْصُوبَ لِآخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ يَكُونُ عَاجِزًا عَنْ رَدِّهِ، وَإِعَادَتِهِ إلَى الْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَيَلْزَمُ إعْطَاءُ بَدَلِهِ اُنْظُرْ مَادَّةَ (١٦٣٥) رَدُّ الْمُحْتَارِ.
ادِّعَاءُ الْغَصْبِ - يَكُونُ أَوَّلًا بِقَوْلِ الْمُدَّعِي: غَصَبْت. ثَانِيًا بِقَوْلِهِ: إنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِلْكِي وَقَدْ كَانَ فِي يَدِي لِحِينِ أَنْ حَدَثَتْ يَدُك عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَلَا تَكُونُ دَعْوَى الْغَصْبِ بِقَوْلِ الْمُدَّعِي: إنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِلْكِي، وَإِنَّ صَاحِبَ الْيَدِ قَدْ أَحْدَثَ يَدَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ أَوْ بِقَوْلِهِ: إنَّهُ مِلْكِي وَكَانَ تَحْتَ يَدِي، وَإِنَّ صَاحِبَ الْيَدِ قَدْ أَحْدَثَ يَدَهُ عَلَيَّ بِغَيْرِ حَقٍّ (الْأَنْقِرْوِيُّ) . وَلَا يَلْزَمُ فِي دَعْوَى الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ الشَّهَادَةُ عَلَى الْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ وَتَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ فَلِذَلِكَ إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي الْغَصْبَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ الَّذِينَ أَقَامَهُمْ بِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي، وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى الْغَصْبِ أَيْ أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي دَعْوَى الْفِعْلِ عَلَى ذِي الْيَدِ فَلَا حَاجَةَ لِإِقَامَةِ الشُّهُودِ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ بَلْ تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ عَلَى الْمِلْكِ (فَتَاوَى أَبِي السُّعُودِ فِي الرَّهْنِ وَالتَّسْهِيلِ) .
صُورَةُ وَضْعِ الْيَدِ فِي الْعَقَارِ: إنَّ وَضَاعَةَ الْيَدِ عَلَى الدَّارِ أَنْ يُسْكَنَ فِيهَا أَوْ أَنْ يُحْدَثَ أَبْنِيَةٌ فِيهَا. وَفِي الْعَرْصَةِ حَفْرُ بِئْرٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ قَنَاةٍ أَوْ غَرْسُ أَشْجَارٍ أَوْ زَرْعُ مَزْرُوعَاتٍ أَوْ إنْشَاءُ أَبْنِيَةٍ أَوْ صُنْعُ لَبِنٍ وَفِي الْحَرَجِ وَالْغَابِ قَطْعُ الْأَشْجَارِ مِنْهَا وَبَيْعُهَا وَبِالِانْتِفَاعِ مِنْهَا بِوَجْهٍ قَرِيبٍ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي الْمَرْعَى قَلْعُ الْحَشَائِشِ وَحِفْظُهَا أَوْ بَيْعُهَا أَوْ رَعْيِ الْحَيَوَانَاتِ فِيهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ التَّصَرُّفَاتِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (١٦٧٩) وَشَرْحَهَا. وَفِي الْحَائِطِ الِاتِّصَالُ بِهِ اتِّصَالَ تَرْبِيعٍ أَوْ وَضْعُ الْجُذُوعِ عَلَيْهِ. أَمَّا وُجُودُ مِفْتَاحِ بَابِ الدَّارِ فِي يَدِ أَحَدٍ فَلَا يَكُونُ بِمُجَرَّدِ وُجُودِهِ فِي يَدِهِ ذَا يَدٍ. فَلِذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدٌ سَاكِنًا فِي دَارٍ، وَأَشْيَاؤُهُ مَوْضُوعَةً فِيهَا وَكَانَ مِفْتَاحُ تِلْكَ الدَّارِ فِي يَدِ آخَرَ فَالْوَاضِعُ الْيَدِ عَلَى الدَّارِ هُوَ السَّاكِنُ فِيهَا، وَلَيْسَ حَامِلُ مِفْتَاحِ بَابِهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute