لَعَيْنِ الْمَرْهُونِ فَلَا يَقْتَدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيهِ " يَجُوزُ انْفِصَالُ الْتِزَامِ الْمُطَالَبَةِ فِي الْكَفَالَةِ عَنْ أَصْلِ الدَّيْنِ (الْكِفَايَةُ شَرْحُ الْهِدَايَةِ) .
ثَانِيًا - إذَا وَهَبَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ إلَى الْكَفِيلِ صَحَّ وَإِذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ كَفَالَةً بِالْأَمْرِ فَلِلْكَفِيلِ حَقُّ الرُّجُوعِ عَلَى الْأَصِيلِ. وَالْحَالُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ كَانَ ذَلِكَ مُؤَدِّيًا إلَى هِبَةِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ الْمَدِينِ وَتَمْلِيكِهِ إيَّاهُ وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ الزَّيْلَعِيّ. لِأَنَّهُ كَمَا مَرَّ آنِفًا لَا يَجُوزُ تَمْلِيكُ الدَّيْنِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ مَا لَمْ يَهَبْهُ إلَى آخَرَ وَيُسَلِّطْهُ عَلَى قَبْضِهِ وَيَقْبِضْهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٨٤٨) .
ثَالِثًا - وَاشْتِرَاءُ الدَّائِنِ شَيْئًا مِنْ الْكَفِيلِ، فِي مُقَابِلِ دَيْنِهِ صَحِيحٌ وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ الشِّرَاءَ لَا يَكُونُ صَحِيحًا إذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدٌ لَهُ دَيْنٌ عَلَى آخَرَ شَيْئًا مِنْ ثَالِثٍ فِي مُقَابِلِ ذَلِكَ الدَّيْنِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا آنِفًا وَقَدْ مَرَّ الْجَوَابُ عَلَى هَذَيْنِ الدَّلِيلَيْنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي آنِفًا.
رَابِعًا - إذَا قِيلَ إنَّ مَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ الْمُطَالَبَةُ وَلَيْسَ الدَّيْنُ فَكَانَ يَلْزَمُ بُطْلَانُ الْكَفَالَةِ لِسُقُوطِ الْمُطَالَبَةِ عَنْ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ لِوَفَاتِهِ كَمَا فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ أَيْضًا. (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٦٦) وَالْحَالُ أَنَّ وَفَاةَ الْكَفِيلِ بِالْمَالِ لَا تُوجِبُ بُطْلَانَ الْكَفَالَةِ وَيُسْتَوْفَى الْمَالُ الْمَكْفُولُ بِهِ مِنْ تَرِكَتِهِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٦٧٠) وَيُورِدُ الْعُلَمَاءُ الْقَائِلُونَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ الْآتِي: مَا يَثْبُتُ فِي الْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ الْمُطَالَبَةُ بِالدَّيْنِ. وَتَتَعَلَّقُ هَذِهِ الْمُطَالَبَةُ بِتَرِكَةِ الْكَفِيلِ عِنْدَ وَفَاتِهِ وَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ الْمَالِيَّةُ بِوَفَاةِ الْكَفِيلِ لِإِمْكَانِ الْمُطَالَبَةِ مِنْ التَّرِكَةِ. أَمَّا فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَبِمَا أَنَّ مَا يَثْبُتُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ هُوَ الْمُطَالَبَةُ بِالنَّفْسِ فَلَا يُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِالنَّفْسِ الْمَكْفُولِ بِهَا لِوَفَاةِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ، كَمَا لَا يُمْكِنُ الْمُطَالَبَةُ بِأَخْذِ بَدَلِ ذَلِكَ مِنْ التَّرِكَةِ.
خَامِسًا - يَصِحُّ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٦٢٦) أَنْ يَكُونَ لِلْكَفِيلِ كَفِيلٌ وَإِذَا أَدَّى ذَلِكَ الْكَفِيلُ الدَّيْنَ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ بِمَا دَفَعَ إذَا كَانَتْ كَفَالَتُهُ بِأَمْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْأَصِيلِ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ ثَابِتًا فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ فَكَانَ يَلْزَمُ أَلَّا يَكُونَ لِلْكَفِيلِ الثَّانِي حَقٌّ بِالرُّجُوعِ عَلَيْهِ. لِأَنَّ الرُّجُوعَ أَمْرٌ مُتَفَرِّعٌ عَنْ إيفَاءِ الدَّيْنِ وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْمَادَّةِ (١٥٠٦) . (فَالْحَاصِلُ أَنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ فِي الذِّمَّةِ اعْتِبَارٌ مِنْ الِاعْتِبَارَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فَجَازَ أَنْ يُعْتَبَرَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ فِي ذِمَّتَيْنِ) " الْفَتْحُ فِي أَوَّلِ الْكَفَالَةِ ". وَلَكِنَّ الْقَائِلِينَ بِالْقَوْلِ الثَّانِي مِنْ الْعُلَمَاءِ قَدْ اعْتَرَضُوا عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ الْآتِي: إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ أَيْضًا أَوْ بِعِبَارَةٍ إذَا كَانَ دَيْنُ الدَّائِنِ الَّذِي عَلَى الْأَصِيلِ عَشَرَةَ جُنَيْهَاتٍ وَثَبَتَ فِي ذِمَّةِ الْكَفِيلِ عَشَرَةُ جُنَيْهَاتٍ أُخْرَى فَيُصْبِحُ دَيْنُ الدَّائِنِ عِشْرِينَ جُنَيْهًا بَعْدَ أَنْ كَانَ عَشَرَةً وَوَجَبَ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ مُضَاعَفًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ مَرَّتَيْنِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ١٦٥) وَيُقَالُ جَوَابًا عَلَى ذَلِكَ إنَّهُ وَإِنْ كَانَ اسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ الْوَاحِدِ مِنْ اثْنَيْنِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَةٍ بِتَمَامِهِ غَيْرَ جَائِزٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute