وَإِنَّ الْمَهْرَ وَبَدَلَ الصُّلْحِ عَنْ الْعَمْدِ إذَا كَانَا مِنْ الْأَعْيَانِ فَهُمَا أَيْضًا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وَحُكْمُ إيضَاحِ الرَّهْنِ مُقَابِلَ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِنَفْسِهَا فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧٤١) . سُؤَالٌ - إذَا فُرِضَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ مِنْ لَفْظِ (الْحَقِّ) الْوَارِدِ فِي التَّعْرِيفِ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الدَّيْنِ، وَالْعَيْنُ تَدْخُلُ الْأَعْيَانَ الْمَضْمُونَةَ بِنَفْسِهَا فِي التَّعْرِيفِ، وَتَعْبِيرُ كَلِمَةِ الْحَقِّ بِلَا تَأْوِيلٍ فَإِذًا لَا يَجِبُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْحَقِّ هُوَ الدَّيْنُ. الْجَوَابُ - بِمَا أَنَّ الْعَيْنَ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ فَلَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الرَّهْنِ أَلَمْ يُرَ أَنَّ مَتَى رُهِنَتْ سَاعَةٌ مُقَابِلَ خَاتَمٍ مَغْصُوبٍ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْخَاتَمِ عَيْنًا مِنْ السَّاعَةِ (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ رَهْنٍ مُقَابِلَ الْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِغَيْرِهَا كَالْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ الْوَدِيعَةِ وَالْعَارِيَّةِ وَمَالِ الشَّرِكَةِ وَمَالِ الْمُضَارَبَةِ وَالْأَعْيَانِ غَيْرِ الْمَضْمُونَةِ كَسَائِرِ الْأَمَانَاتِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَإِذَا تَلِفَ رَهْنٌ كَهَذَا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (هِنْدِيَّةٌ) وَسَيَصِيرُ تَصْرِيحُ ذَلِكَ وَتَفْصِيلُ سَبَبِهِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٧١٠) ، مَثَلًا إذَا طَلَبَ رَجُلٌ مِنْ خَيَّاطٍ ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ بَعْدَ إرَاءَتِهِ لِشَخْصٍ آخَرَ بِطَرِيقِ رُسُومِ النَّظَرِ وَرَهَنَ عِنْدَهُ مَالًا بِنَاءً عَلَى امْتِنَاعِهِ عَنْ إعْطَاءِ الثَّوْبِ بِدُونِ رَهْنٍ فَأَخَذَ الثَّوْبَ وَهَلَكَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَالثَّوْبُ مَوْجُودٌ عِنْدَ الرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ وَحُكْمُ الْكَفَالَةِ أَيْضًا عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ (رَاجِعْ الْمَادَّةَ ٦٣١) وَالْإِيضَاحَاتِ الْمَذْكُورَةَ فِي شَرْحِهَا.
تَعْبِيرُ الْحَقِّ الْوَارِدُ فِي التَّعْرِيفِ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ ذَلِكَ الْحَقِّ وَقْتَ الرَّهْنِ وَلِهَذَا كَانَ الرَّهْنُ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الْمَعْدُومِ غَيْرَ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرَّهْنِ بِثُبُوتِ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ، وَالِاسْتِيفَاءُ يَكُونُ بَعْدَ الْوُجُوبِ وَالثُّبُوتِ (كِفَايَةٌ فِي أَوَّلِ الرَّهْنِ) . مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَقَدَّمَ لِدَائِنِهِ بَعْدَ أَنْ أَوْفَاهُ مَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ قَائِلًا لَهُ: إنِّي لَا أَعْلَمُ إذَا كَانَ بَقِيَ لَك بِذِمَّتِي شَيْءٌ أَمْ لَا، وَعَلَى احْتِمَالِ أَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ خُذْ هَذَا الْمَالَ رَهْنًا مُقَابِلَهُ فَأَخَذَهُ الدَّائِنُ يَصِحُّ الرَّهْنُ مُقَابِلَ بَقِيَّةِ الدَّيْنِ، وَحَيْثُ إنَّ الرَّهْنَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ الدَّيْنِ شَيْءٌ بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ عِنْدَ تَلَفِ الرَّهْنِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ الرَّهْنَ عَلَى شَيْءٍ مُسَمًّى (خَانِيَّةٌ) ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ الرَّهْنَ مُقَابِلَ دَيْنٍ سَيُلْزَمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بَاطِلٌ، وَبِتَعْبِيرٍ آخَرَ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي سَيَلْزَمُ مُسْتَقْبَلًا غَيْرَ مَوْجُودٍ وَقْتَ عَقْدِ الرَّهْنِ أَيْ مَعْدُومًا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ رَهْنٍ مِنْ الْآنَ مُقَابِلَ ذَلِكَ الدَّيْنِ، وَسَوَاءٌ أَكَانَ الدَّيْنُ الْمَذْكُورُ لَازِمًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَمْ غَيْرَ لَازِمٍ كَقَوْلِ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ: إنِّي رَهَنْت عِنْدَك هَذَا الْمَالَ مُقَابِلَ الدَّيْنِ الَّذِي سَيُسْتَحَقُّ لَك بِذِمَّتِي، وَإِذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْ فُلَانًا مَالًا وَلْيَكُنْ ثَمَنُهُ لِي، ثُمَّ رَهَنَ عِنْدَهُ مَالًا مِنْ قَبِيلِ إعْطَاءِ الْكَفِيلِ لِلْمَكْفُولِ لَهُ رَهْنًا لَا يَصِحُّ (خِزَانَةٌ وَخَانِيَّةٌ) . وَكَذَلِكَ إذَا كَفَلَ شَخْصٌ آخَرَ كَيْ يُسَلِّمَهُ لِشَخْصٍ غَيْرِهِ فِي يَوْمٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ كَفَلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ وَأَعْطَى الْمَكْفُولُ عَنْهُ لِلْكَفِيلِ رَهْنًا لِأَجْلِ الْمَكْفُولِ بِهِ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute