للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتعقبه الذهبي، فقال: عبد الله بن المُؤَمَّل واهٍ. وقال البيهقي: وفي إسناده ضَعْفٌ. وقال الهيثمي: رواهُ أحمد والطَّبرانيُّ في "الأوسط"، وزاد (أي الطبراني): «يَشْهَدُ لِمَنِ اسْتَلَمَهُ بِالْحَقِّ، وَهُوَ يَمِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ». وفيه: عَبْدُ اللَّهِ بن المُؤَمَّلِ، وَثَّقَهُ ابن حِبَّانَ، وقال: يُخْطِئُ، وفيه كَلَامٌ، وبقيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. (١)

قلتُ:

• أمَّا الحديث بجزئه الأول فقد ثَبَتَ عن ابن عبَّاس - رضي الله عنه - مرفوعاً، فأخرج الإمام أحمد في "مسنده"، والترمذي في "سننه"، وغيرهما مِنْ طُرُقٍ عن عبد الله بن عُثمان بن خُثيم، عن سَعِيد بن جُبَيْرٍ، عن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنه -، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في الحَجَرِ: «وَاللَّهِ لَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ لَهُ عَيْنَانِ يُبْصِرُ بِهِمَا، وَلِسَانٌ يَنْطِقُ بِهِ، يَشْهَدُ عَلَى مَنْ اسْتَلَمَهُ بِحَقٍّ». (٢) واللفظ للترمذي، وقال: هذا حديثٌ حَسَنٌ. وقال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه. وقال الذهبي: صحيحٌ. قلتُ: عبد الله بن عُثمان بن خُثيم، قال فيه ابن حجر: صدوقٌ. (٣)

• وأمَّا الحديث بجزئه الثاني، بقوله: "وَهُوَ يَمِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّتِي يُصَافِحُ بِهَا خَلْقَهُ"، فالصواب فيه مَا أخرجه عبد الرَّزَّاق في "المُصَنَّف" (٨٩٢٠)، وغيره - كما سبق -، عن ابن جُريجٍ، عن محمد بن عبَّاد بن جَعْفر، عن ابن عبَّاسٍ، قال: «إِنَّ هَذَا الرُّكْنَ الأسْوَدَ يَمِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ في الأرْضِ، يُصَافِحُ بِهَا عِبَادَهُ مُصَافَحَةَ الرَّجُلِ أَخَاهُ». وصححه موقوفاً على ابن عبَّاس جماعة كما سبق، منهم: ابن تيمية، والبوصيري، وابن حجر.

وللحديث بهذا الجزء عِدَّة شواهدٍ مِنْ أمثلها:

ما أخرجه ابن بِشْران في "أماليه" (١٢)، قال: أخبرنا أبو سَهْلٍ: أحمد بن محمَّد بن عبد اللَّهِ بن زِيَادٍ القطَّانُ، ثنا محمَّد بن صالح بن حاتمٍ، ثنا يحيى بن بِشْرٍ الكوفيُّ، ثنا أبو مَعْشَرٍ، عن محمَّد بن المُنْكَدِرِ، عن جَابِرِ بن عَبْدِ اللَّهِ، قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «الْحَجَرُ يَمِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ في الأرْضِ، يُصَافِحُ بِهِ عِبَادَهُ».

قلتُ: وإسناده "ضَعيفٌ جداً"، فيه محمد بن صالح بن حاتم، لم أهتدي إليه، ولم أجد مَنْ ترجم له، ولم أقف - بعد البحث - على أحد روى عنه غير أبو سهلٍ أحمد القطَّان، فهو "مجهول العين". (٤)


(١) يُنظر: "مجمع الزوائد" (٣/ ٢٤٢).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٢١٥ و ٢٣٩٨ و ٢٦٤٣ و ٢٧٩٦ و ٢٧٩٧ و ٣٥١١)، والدَّارمي في "سننه" (١٨٨١)، وابن ماجه في "سننه" ك/المناسك، ب/استلام الحجر، والترمذي في "سننه" (٩٦١) ك/الحج، ب/ ما جاء في الحجر الأَسْوَدِ، وأبو يعلى في "مسنده" (٢٧١٩)، وابن خزيمة في "صحيحه" (٢٧٣٥ و ٢٧٣٦)، وابن حبَّان في "صحيحه" (٣٧١١ و ٣٧١٢)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٢٤٧٩)، والحاكم في "المستدرك" (١٦٨٠)، وغيرهم، كلهم مِنْ طُرُقٍ عن عبد الله بن عُثمان بن خُثيم، بنحوه.
(٣) يُنظر: "التقريب" (٣٤٦٦).
(٤) وللحديث عن أبي مَعْشَر طُرُق أخرى، كالآتي: فأخرجه ابن عدي في "الكامل" (١/ ٥٥٧)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" (٧/ ٣٣٩) - ومِنْ طريقهما ابن الجوزي في "العلل المتناهية" (٩٤٤) -، بسندهما مِنْ طريق إِسْحَاق بن بِشْرٍ الكاهِلِيّ، قال: حدَّثنا أبو مَعْشَرٍ المدينِيُّ، عن محمَّد بن المنكدرِ، عن جابرِ بن عبد اللَّهِ، قال: قال رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " الْحَجَرُ يَمِينُ اللَّهِ فِي الأَرْضِ يُصَافِحُ بِهَا عِبَادَهُ ". قال ابن عدي: إسحاق بن بشر في عِدَاد مَنْ يضعُ الحديث. وقال ابن الجوزي: هذا حديثٌ لا يصح، إسحاق بن بشر قد كَذَّبه أبوبكر بن أبي شَيْبَة وغيره، وقال الدارقطني: هُوَ في عِدَادِ مَنْ يضع الحديث، قال: وأبو معشر ضعيف. وقال المُناوي في "فيض القدير" (٣/ ٤٠٩): وقال ابن العربي: هذا حديث باطل فلا يلتفت إليه.

وأخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٥٢/ ٢١٧) بسنده مِنْ طريق أحمد بن يُونس عن أبي مَعْشَر، به. لكن في إسناده: الحسن بن علي الأهوازي "مُتَّهمٌ بالوضع". يُنظر ترجمته مِن "تاريخ دمشق" (١٣/ ١٤٣)، "ميزان الاعتدال" (١/ ٥١٢). والحديث عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" (٣٨٠٤) إلى الخطيب، وابن عساكر، ورمز له بالضعف. ويُنظر: "السلسلة الضعيفة" للألباني (١/ ٣٩٠/حديث رقم ٢٢٣).
وفي الباب عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، مرفوعاً، عزاه السيوطي في "الجامع الصغير" (٣٨٠٥) إلى الديلمي في "مسند الفردوس"، بلفظ: "الحَجَرُ يَمِينُ الله فَمَنْ مَسَحَهُ فَقَدْ بايَعَ الله أن لا يعصيه". وقال المُناوي في "فيض القدير" (٣/ ٤١٠): لم أر الديلمي ذكره بهذا السياق، بل لفظه: "الحجر يمين الله، فمن مسح يده على الحجر فقد بايع الله عز وجل أن لا يعصيه"، وفيه: علي ابن عمر العسكري أورده الذهبي في "الضعفاء"، وقال: صدوقٌ، ضعفه البرقاني، وفيه: العلاء بن مسلمة الرَوَّاس، قال الذهبي: متهم بالوضع. قلتُ: ويُنظر ترجمته في "ميزان الاعتدال" (٣/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>