للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٢/ ٤٠٢]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خُلَيْدٍ، قَالَ: نا أَبُو تَوْبَةَ، قَالَ: نا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَامِرُ بْنُ زَيْدٍ البِكَالِي (١).

أَنَّه سَمِعَ عُتْبَةَ بن عَبْد السُّلَمِيّ (٢)، قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ (٣) إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: مَا حَوْضُكَ الَّذِي تُحَدِّثُ عَنْهُ؟

قَالَ: «كَمَا بَيْنَ البَيْضاءِ (٤) إلى بُصْرَى (٥) (٦)،


(١) البكالي: قال القاضي عياض: البعض يضبطه بفتح الباء، وتشديد الكاف، وكذا ضبطناه، وسمعناه في بعض الروايات، وكذا قاله أبو ذر، وقَيَّد عن المهلب بكسر الباء، وقيدناه عن جماعة، بتخفيف الكاف، وكسر الباء، وهو الصواب. وهي نسبة إلى بني بكال، بطن من حِمْيَر، من القحطانية. يُنظر: "مشارق الأنوار" ١/ ١٥، "الأنساب" ٢/ ٢٦٩.
(٢) السُّلَمي: بضم السين المهملة، وفتح اللام، نسبة إلى سُلَيم، وهي قبيلة من العرب مشهورة، تُنسب إلى: سُلَيم بن منصور، تفرقت في البلاد، ونزلت جماعة كثيرة منها إلى حمص، والمنتسبون إليها لا يُحصون. يُنظر: "الأنساب" ٧/ ١١١.
(٣) لم أقف - بعد البحث - على ما يدل على تعيين هذا الأعرابي - والعلم عند الله تعالى -.
(٤) البيضاء: تقع بالقرب من الرِّبَذَة، والربذة: من قرى المدينة، تقع في الجنوب الشرقي من بلدة الحناكية على بُعْد (١٠٠ كم) من المدينة المنورة، في طريق الرياض. يُنظر: "معجم البلدان" ١/ ٥٢٩ و ٣/ ٢٤، و"أطلس الحديث النبوي" ص/١٩١.
(٥) بُصرى: بضم الموحدة، وسكون المهملة، بلد معروف بطرف الشام، من جهة الحجاز، وتُعرف بـ "حَوْران"، تقع في منتصف المسافة بين عمَّان، ودمشق، وهي اليوم آثار قُرب مدينة "دِرْعَة" التي احْتَلَّت محلها، وتقع بُصْرى ودِرْعة داخل حدود الجمهورية السورية - فكَّ الله أسرها - على أميال من حدود المملكة الأردنية الشمالية. يُنظر: "فتح الباري" ١١/ ٤٧١، "معجم البلدان" ١/ ٤٤١، "معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية" (ص/٤٤).
(٦) أطال الحافظ ابن حجر في ذكر اختلاف الروايات حول تقدير مسافة الحوض، منها: ما في "صحيح البخاري" برقم (٦٥٧٩)، من حديث ابن عمرو "حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ … "، ومن حديث أنس برقم (٦٥٨٠)، "إنَّ قَدْرَ حَوْضِي كما بَيْن أَيْلَةَ وصَنْعاء من اليمن … "، وكلاهما في ك/الرقاق، ب/في الحوض، وغيرهما من الروايات، وقام بتحريرها، وأطال النفس في توجيهها، وذكر أقوال أهل العلم فيها، ولعل مِنْ أقربها: أنَّها كلها متقاربة، لكون جميعها نحو شهر يزيد أو ينقص، أو تُحْمل على السير البطيء - وهو سير الأثقال -، والسير السريع - وهو سير الراكب المُخِف -. يُنظر: "فتح الباري" ١١/ ٤٧٠.

وقال ابن حبان / في "صحيحه" عقب حديث رقم (٦٤٥١)، حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما بَيْن ناحِيَتي حَوْضي كما بَين المدينة وصَنْعاء، أو كما بين المدينة وعمَّان … " فقال: هذه الأخبارُ الأَرْبَعُ قد تُوهِمُ مَنْ لم يُحْكِمُ صِنَاعَة الحديث أنَّها مُتَضَادَّةٌ، أو بينها تَهَاتر، لأنَّ في خبر سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ: «مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ، وَالْمَدِينَةِ»، وفي خَبَرِ جَابِرٍ: «مَا بَيْنَ أَيْلَةَ إِلَى مَكَّةَ»، وَفِي خَبَرِ عُتْبَةَ بن عَبْدِ اللَّهِ: «مَا بَيْنَ صَنْعَاءَ إِلَى بُصْرَى»، وفي خَبَرِ قَتَادَةَ: «مَا بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَعَمَّانَ»، وليس بين هذه الأخبارِ تَضَادٌّ، ولا تَهَاترٌ، لأنَّها أجوبةٌ خَرَجَتْ على أَسْئِلَةٍ، ذَكَرَ الْمُصْطَفَى - صلى الله عليه وسلم - في كُلِّ خَبَرٍ مِمَّا ذكرنا جانبًا مِنْ جوانب حوضه، أنَّ مسيرةَ كُلّ جانبٍ مِنْ حَوْضِهِ مَسِيرَةُ شَهْرٍ، فمن صنعاء إلى المدينة مَسِيرَةُ شَهْرٍ لغير المُسْرِعِ، ومِنْ أَيْلَةَ إلى مَكَّةَ كذلك، ومن صَنْعَاء إلى بُصْرَى كذلك، ومِنَ المدينة إلى عمَّان الشَّام كذلك. أ. هـ قلتُ: وعَلّق محققه الفاضل، فقال: فيه نظر، فإن المسافة بين صنعاء وبصرى تزيد زيادة مضاعفة على المسافة بين صنعاء وبين المدينة، وبين أيلة وبين مكة. قلتُ: لعلَّ كلامه يُحْمل في المسافات المتقاربة على السير لغير المُسْرع، وفي المسافات المتباعدة على السير للمُسْرع.

<<  <  ج: ص:  >  >>