للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثاً: - الحكم على الحديث:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "ضَعيفٌ"؛ لأجل أبي مُعاوية العبَّاداني "مُنكر الحديث".

وورد في بعض الطرق تحديد اليوم بقوله: "لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ"، وبعض الروايات: "ثَمَانِيَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ"، فهذه اللفظة "مُنْكرةٌ جداً" لانفراد أبو مُعاوية بها، كما سبق بيانه، فلم يُتابعه أحدٌ - على حد بحثي - عن أبي المليح بها، مع مُخالفته لما اتفق عليه أهل السير مِن أنَّ غزوة حُنَيْن إنَّما وقعت في شهر شوال، وأنَّ فتح مكة هي التي وقعت في شهر رمضان، ولو وقعت الرواية بإطلاق ذلك فقط في رمضان لاختلف الأمر، وَلَوَسِعَنَا الجواب عنها بما أجاب به الحافظ ابن حجر - كما سبق ذكره قبل ذلك - بأنَّ المراد بقوله "إلى حنين في رمضان": أي التي وقعت عقب الفتح، لأنها لما وقعت إثرها أطلق الخروج إليها.

لكن لمَّا وردت بعض الروايات بتحديد ذلك وتعينه بيوم السابع عشر، وبعضها بيوم الثامن عشر دلَّ ذلك على اضطراب الراوي ووهمه فيها، فلمَّا وجدناه انفرد بها عن أبي المليح دون سائر الرواة ازدد الأمر تأكيداً على ثبوت وَهَنِهَا ونكارتها.

قلتُ: وأبو مُعاوية العبَّاداني لم ينفرد ببقية الحديث، بل تابعه جماعةٌ مِنْ الثقات عن أبي المليح كما سبق بيانه في التخريج، مِنْهم: قتادة، وأبي قلابة عبد الله بن زيد وغيرهما بأسانيد صحيحة.

والحديث أخرجه ابن خزيمة وابن حبَّان في "صحيحيهما" مِن طرقٍ عن أبي المليح بسنده، وأخرجه كذلك الحاكم في "المُستدرَك"، وقال: هذا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وقد احتجَّ الشَّيْخَانِ بِرُوَاتِهِ، ولم يُخَرِّجَاهُ. وقال الذهبي: صحيحٌ. وقال الحافظ ابن حجر: وفي "السنن" بإسناد صحيح عن أبي المليح عن أبيه أنَّهم مطروا يوماً فرخص لهم. (١) وحكم الألباني على الحديث بإسناد أبي داود، فقال: إسناده صحيح على شرط الشيخين. (٢) وللحديث شواهد في "الصحيحين" عن جابر بن عبد الله، وعبد الله بن عُمر، وعبد الله بن عبَّاس، سبق ذكرها في الحديث رقم (٨٤).

وعليه؛ فالحديث يرتقي بمتابعاته وشواهده إلى "الصحيح لغيره"، دون ما ذكرناه، والله أعلم.

رابعاً: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن أبي معاوية العبَّادانيِّ إلا عَليُّ بن الجعدِ.

قلتُ: سبق أنْ بَيَّنتُ الخلاف بين أهل العلم في أبي مُعاوية العبَّاداني هل هو: سعيد بن زَرْبي أم لا؟ وذكرت أنَّ الظاهر مِن صَنيع الإمام الطبراني وتبعه على ذلك تلميذه أبو نُعيم، أنَّهما يُفَرِّقان بين أبي مُعاوية العَبَّاداني وسعيد بن زربي ويجعلوهما راويان، وصرَّح ابن عدي أيضاً بذلك.


(١) يُنظر: "فتح الباري" (٢/ ١١٣).
(٢) يُنظر: "صحيح سنن أبي داود" حديث رقم (٩٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>