للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كلاهما عن يُونُس بن عبد الأعلى، وابن حزم في "المحلى" (١١/ ٣٥٩ - ٣٦٠) مِن طريق سَحْنون، كلاهما (يونس، وسحنون) عن ابن وَهْبٍ، قال سَمِعْتُ ابن جُرَيْجٍ، يُحَدِّثُ عن أبي الزُّبَيْرِ، عن جابر، أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَيْسَ عَلَى الْخَائِنِ وَلا عَلَى الْمُخْتَلِسِ وَلا عَلَى الْمُنْتَهِبِ قَطْعٌ».

فابن وهب لمَّا حدَّث بالحديث مِن حِفظه، كما في رواية الباب، عن يونس عن الزهري عن أنسٍ، وخالف فيه غيره حيث رواه المُفَضَّل بن فَضَالة عن يونس عن الزهري عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه، وهو عند ابن وهبٍ مِن وجه آخر عن ابن جُريجٍ عن أبي الزبير عن جابر، استدل الإمام الذهبي بذلك على أنَّ ابن وهب لمَّا حدَّث بالحديث مِن حِفظه وَهِمَ فيه، والله أعلم.

رابعاً: - الحكم على الحديث:

أ الحكم على الحديث بإسناد الطبراني:

وبناءً على كلام الإمام الذهبي فالحديث بإسناد الطبراني "شاذٌ"؛ لأجل ابن وهبٍ قد حَدَّث به مِن حفظه، مَعَ مُخالفته لما رواه غيره عن يونس بن يَزيد. بينما قال الحافظ ابن حجر: رِجَاله ثِقَاتٌ. (١)

قلتُ: وليس هناك تعارضٌ بين كلام الحافظين الذهبي وابن حجر؛ فكلاهما أثبت ثقة رجاله، وظاهر كلام الحافظ ابن حجر أنَّه حكم عليه دون النَّظر في سلامة الحديث مِن الشذوذ والعلة، حيث قال: "رجاله ثقاتٌ"، ولم يقل "حديثٌ صحيحٌ، والفرق بينهما معلومٌ عند أهل هذا الفن، والله أعلم.

ب الحكم على الحديث مِن وجهه الراجح بإسناد ابن ماجه:

ومِن خلال ما سبق يَتبيَّن أنَّ الحديث بإسناد ابن ماجه عن عبد الرحمن بن عوفٍ "صحيحٌ لذاته".

وقال البوصيري: هذا إسنادٌ صَحِيحٌ رِجَاله ثِقَاتٌ. وقال ابن حجر: رَوَاهُ ابن ماجه بإسنادٍ صَحِيحٍ. (٢)

قلتُ: وحديث ابن ماجه يدلُ على أنَّ المُخْتَلس ليس عليه قَطْعٌ؛ أمَّا المُنْتَهِب والخائن فليس عليه قَطْعٌ أيضاً لما رواه أبو الزبير عن جابرٍ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لَيْسَ عَلَى الْخَائِنِ ولا عَلَى الْمُخْتَلِسِ ولا عَلَى الْمُنْتَهِبِ قَطْعٌ». (٣)

وحديث جابر "صحيحٌ" بمجموع طرقه وشواهده. قال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ. وقال الشوكاني: وهذه الأحاديث يُقوي بعضها بعضا. وقال ابن حجر: حديثٌ قويٌ، ثُمَّ أخرج طُرُقَه، وقال: فَقَوِى الحديث (أي بمجموع طرقه)، وقد أجمعوا على العمل به إلا من شذَّ. (٤)


(١) يُنظر: "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" (٢/ ١١٠).
(٢) يُنظر: "مصباح الزجاجة" (٢/ ١١٣)، "التلخيص الحبير" (٤/ ١٢٣).
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٥٠٧٠)، وابن ماجه في "سننه" (٢٥٩١) ك/الحدود، ب/الخائن والمُنْتَهِب والمُخْتَلِس، وأبو داود في "سننه" (٤٣٩١ - ٤٣٩٣) ك/الحدود، ب/القطع في الخلسة والخيانة، والترمذي في "سننه" (١٤٤٨) ك/الحدود، ب/ما جاء في الخائن والمُخْتلس والمُنْتَهب، والنَّسائي في "الكبرى" (٧٤١٩ - ٧٤٢٧) ك/قطع السارق، ب/ما لا قطع فيه، وغيرهم.
(٤) يُنظر: "سنن الترمذي" حديث رقم (١٤٤٨)، "عون المعبود" (١٢/ ٦١)، "فتح الباري" (١٢/ ٩١ - ٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>