للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعاً: النظر في كلام المصنف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصنِّف - رضي الله عنه -: " لَمْ يَرْو هذا الحديث عن قَيْس بن سَعْدٍ إِلَّا رَبَاحُ بن أبَي مَعْرُوفٍ، ولا عن رَبَاحٍ إلَّا ابن أبي فُدَيْكٍ، تَفَرَّدَ به: أحمد بن محمد بن أبي بَكْرٍ السَّالِمِيُّ". (١)

قلتُ: ووافقه ابن عَدي، فقال: لا يرويه بهذا الإسناد غير رَبَاحٍ.

- ومن خلال ما سبق في التخريج يتضح أنَّ حلقة التفرد في هذا الحديث تقف عند محمد بن إسماعيل بن أبي فُدَيْك، وعليه فَيُسلَّم للمُصَنِّف - رضي الله عنه - في قوله: لَمْ يَرْو هذا الحديث عن قَيْس بن سَعْدٍ إِلَّا رَبَاحُ بن أبَي مَعْرُوفٍ، ولا عن رَبَاحٍ إلَّا ابن أبي فُدَيْكٍ.

- وأمَّا قوله: "تَفَرَّدَ به: أحمد بن محمد بن أبي بَكْرٍ السَّالِمِيُّ"؛ فلا يُسَلَّم له في ذلك، بل تابعه يَحْيى بن المُغِيرة القُرَشيّ، فرواه عن ابن أبي فُدَيك، بسنده، وهذه المُتَابعة أخرجها أبو نُعيم في "تاريخ أصبهان" (٢/ ٣١٦) بإسناد حَسَنٍ، إلى يَحْيى - كما سبق في التخريج -.

خامساً: التعليق على الحديث:

- قال الإمام أبو نُعيم: أبو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، السَّابق إلى التَّصْديق، المُلَقَّبُ بِالعتيق، المُؤيَّدُ من الله بِالتَّوفيق، صَاحِبُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الحضر والأسْفَار، ورفِيقُهُ الشَّفِيقُ في جميعِ الأطوار، وضَجِيعُهُ بعد الموتِ في الرَّوْضَةِ المحْفُوفة بالأنوارِ، المَخْصُوصُ في الذِّكر الحكيمِ بمفْخَر فاق به كافَّة الأخيارِ، وعامَّة الأبرارِ، وبقي له شرفُهُ على مُرُورِ الأعصار، ولم يَسْمُ إلى ذروته هِمَمُ أُولي الأيْدِ والأبْصَارِ، حيث يقول عَالِمُ الْأَسْرَارِ: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} (٢) إلى غير ذلك من الآيَاتِ والآثَارِ، وَمَشْهُورِ النُّصُوصِ الواردة فيه والأخبار التي غَدَتْ كالشَّمسِ في الانْتِشَارِ، وفَضَلَ كُلَّ مَن فَاضَلَ، وفاق كُلَّ مَنْ جَادَلَ وَنَاضَلَ، وَنَزَلَ فِيهِ: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} (٣) تَوَحَّدَ الصِّدِّيقُ في الأحْوَالِ بِالتَّحْقِيقِ، واختار الاخْتِيَارَ مِنَ اللهِ حين دَعَاهُ إِلَى الطَّرِيقِ، فَتَجَرَّدَ مِنَ الأَمْوَالِ والأعْرَاضِ، صَارَ للمِحَن هدفًا، وللبلاء غرضًا، وَزَهد فيما عَزَّ له جوهرًا كان


(١) وهذا التعقيب من المصنِّف - رضي الله عنه - على الحديث لم يذكره عقب روايتنا محلَّ الدراسة، وإنما ذكره في موضع آخر من "الأوسط" برقم (٦١٦٨) - كما سبق بيانه في التخريج -.
(٢) سورة "التوبة"، آية (٤٠).
(٣) سورة "الحديد"، آية (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>