للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم بَانَ كذبه فمزَّقوا حديثه، وأبطلوا روايته، وكان بَعْدُ يضع الأحاديث للقرامطة. وقال أبو غر الهروي: أملى على القرامطة أحاديث ذكر فيها مثالب الصحابة، وكان يُتهم بالوضع والقلب. وقال حمزة السَّهمي: كان يضع الحديث. وقال الأزهري: كان دجَّالًا كذَّابًا، ما رأينا له أصلًا قط، وظاهر أمره أنَّه كان يسرق الحديث. (١)

رابعًا:- النظر في كلام المصنف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المصنف - رضي الله عنه -: لَا يُرْوَى عن عِمْرَانَ إلا بهذا الإسناد، تَفَرَّدَ به: عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُطَرِّفٍ.

قلتُ: مِمَّا سبق في التخريج يَتَبَيَّن أنَّ حكم الطبراني - رضي الله عنه - بالتفرُّد غير مُسَلَّم له فيه؛ فالحديث أخرجه البيهقي في "الشعب" - كما سبق -، قال: أخبرنا أبو عبد الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أنا محمد بن عبد اللهِ بن المطَّلِبِ الشَّيْبَانِيّ، ثنا عبد اللهِ بن سعدِ بن يحيى القاضي، ثنا محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة، ثنا الفُضَيْلُ بن عِيَاضٍ، ثنا هِشَامُ بن حَسَّانٍ، عن الحَسَنِ، عن عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ.

وهذه المتابعة سندها "ضَعيفٌ جدًا"، كما سبق بيانه في الحكم على الحديث، والله أعلم.

خامسًا:- التعليق على الحديث:

قال ابن بطال: لا يجوز الدخول في الدعوة يكون فيها منكر مما نهى الله ورسوله عنه؛ لِمَا في ذلك من إظهار الرضا بها، وحاصل أقوال العلماء: أنَّه إن كان هناك مُحَرَّم وقدر على إزالته فأزاله فلا بأس، وإن لم يقدر فليرجع، وإن كان مما يُكره كراهة تنزيهٍ فلا يخفى الورع، ومما يؤيد ذلك ما وقع في قصة ابن عمر من اختلاف الصحابة في دخول البيت الذي سترت جُدُره، ولو كان حراما ما قعد الذين قعدوا ولا فعله ابن عمر، فيُحمل فعل أبي أيوب على كراهة التنزيه جمعا بين الفعلين، ويُحتمل أن يكون أبو أيوب كان يرى التحريم والذين لم ينكروا كانوا يرون الإباحة، وقد فصل العلماء ذلك على ما أشرت إليه؛ وقالوا: إن كان لهوًا مِمَّا اختلف فيه فيجوز الحضور والأَوْلى الترك، وإن كان حراما كشرب الخمر نظر؛ فإن كان المدعو ممن إذا حضر رفع لأجله فليحضر، وإن لم يكن كذلك ففيه للشافعية وجهان، أحدهما: يحضر وينكر بحسب قدرته وإن كان الأولى أن لا يحضر، قال البيهقي: وهو ظاهر نص الشافعي وعليه جرى العراقيون من أصحابه. وقال صاحب "الهداية" من الحنفية: لا بأس أن يقعد ويأكل إذا لم يكن يقتدى به فإن كان ولم يقدر على منعهم فليخرج لما فيه من شين الدين وفتح باب المعصية، وحُكيَ عن أبي حنيفة أنه قعد، وهو محمول على أنه وقع له ذلك قبل أن يصير مُقتدى به، قال: وهذا كله بعد الحضور فإن علم قبله لم تلزمه الإجابة. والوجه الثاني للشافعية: تحريم الحضور؛ لأنه كالرضا بالمنكر، فإن لم يعلم حتى حضر فلينههم، فإن لم ينتهوا فليخرج، إلا إن خاف على نفسه من ذلك، وعلى ذلك جرى الحنابلة، وكذا اعتبر المالكية في وجوب الإجابة أن لا يكون هناك منكر، وإذا كان من أهل الهيئة لا ينبغي له أن يحضر موضعًا فيه لهو أصلًا.

حكاه ابن بطال وغيره عن مالك، ويؤيد منع الحضور حديث عمران بن حصين: "نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إجابة طعام


(١) يُنظر: "تاريخ بغداد" ٣/ ٤٩٩، "تاريخ دمشق" ٥٤/ ١٤، "تاريخ الإسلام" ٨/ ٦٢٤، "الميزان" ٣/ ٦٠٧، "اللسان" ٧/ ٢٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>