للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدَّال على أنَّ ترك الأكل يوم النَّحر حتى يذبح المُراد به فضيلة، وإن كان الأكل مُباح قبل الغدو إلى المُصلَّى، والآكل غير خارج، ولا آثم، ثم ذكر فيه حديث البراء بن عازب - رضي الله عنه -. (١)

خامسًا:- النظر في كلام المصنف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المصنف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِه عن ابن جُرَيْجٍ إلا ابنُ عُلَيَّةَ، تَفَرَّدَ بِهِ: إِسْحَاقُ بن عَبْدِ اللَّهِ.

- من خلال ما سبق في التخريج يتضح بالفعل أنَّ هذا الحديث - بذكر الأَمْرَيْن معًا؛ الأكل يوم الفطر، ويوم النَّحر- لم يروه عن ابن جُريج إلا ابن عُلَيَّة، تفرَّد به: إسحاق بن عبد الله التَّمِيمِيّ.

- بينما رواه عن ابن جُريج بالوجه الثاني - بذكر الأكل يوم الفطر فقط، دون يوم النَّحر- اثنان من الرواة؛ هما: عبد الرزَّاق الصَّنْعاني، وسُفيان بن عُيينة.

- وعلى هذا فلو كان الطَّبراني يقصد بقوله إطلاق التفرُّد؛ فلا يُسَلَّم له بذلك، لكنَّ هذا - في نظري- بعيد؛ بدليل أنَّ الطبراني نفسه قد أخرج الحديث من طريق عبد الرزَّاق، عن ابن جُريج في "المعجم الكبير" (١١٤٢٧) - كما سبق في التخريج-، فهو يعلم الطَّريقين، لذا يُسَلَّم له بإطلاق التفرُّد عن ابن جُريج لكن بالوجه الأول فقط - بذكر الأكل يوم الفطر، ويوم النَّحر معًا-. والله أعلم.

سادسًا:- التعليق على الحديث:

قال الحافظ ابن حجر: قَالَ الْمُهَلَّبُ: الحِكْمَةُ فِي الْأَكْلِ قَبْلَ الصَّلَاةِ أَنْ لَا يَظُنَّ ظَانٌّ لُزُومَ الصَّوْمِ حَتَّى يُصَلِّيَ الْعِيدَ، فَكَأَنَّهُ أَرَادَ سَدَّ هَذِهِ الذَّرِيعَةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَمَّا وَقَعَ وُجُوبُ الْفِطْرِ عَقِبَ وُجُوبِ الصَّوْمِ اسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ مُبَادَرَةً إِلَى امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيُشْعِرُ بِذَلِكَ اقْتِصَارُهُ عَلَى الْقَلِيلِ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِ الِامْتِثَالِ لأكل قدر الشِّبَع. وَقِيلَ: لِأَنَّ الشَّيْطَانَ الَّذِي يُحْبَسُ فِي رَمَضَانَ لَا يُطْلَقُ إِلَّا بَعْدَ صَلَاةِ الْعِيدِ فَاسْتُحِبَّ تَعْجِيلُ الْفِطْرِ بِدَارًا إِلَى السَّلَامَةِ مِنْ وَسْوَسَتِهِ.

وَقَالَ ابن قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ فِي اسْتِحْبَابِ تَعْجِيلِ الْأَكْلِ يَوْم الْفطر اخْتِلَافا. وَقد روى ابن أبي شيبَة، عَن ابن مَسْعُودٍ: التَّخْيِيرَ فِيهِ. وَعَنِ النَّخَعِيِّ أَيْضًا مِثْلَهُ، وَالْحِكْمَةُ فِي اسْتِحْبَابِ التَّمْرِ: لِمَا فِي الْحُلْوِ مِنْ تَقْوِيَةِ الْبَصَرِ الَّذِي يُضْعِفُهُ الصَّوْمُ، وَلِأَنَّ الْحُلْوَ مِمَّا يُوَافِقُ الْإِيمَانَ، وَيُعَبَّرُ بِهِ الْمَنَامُ، وَيَرِقُّ بِهِ الْقَلْبُ وَهُوَ أَيْسَرُ مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْ ثَمَّ اسْتَحَبَّ بَعْضُ التَّابِعِينَ أَنَّهُ يُفْطِرُ على الحلو مُطلقًا كالعسل. (٢)

* * *


(١) يُنظر: "صحيح ابن خُزيمة" حديث رقم (١٤٢٧).
(٢) يُنظر: "الأوسط" لابن المُنذر ٤/ ٢٥٤، "شرح صحيح البخاري" لابن بطَّال ٢/ ٥٥١، "الاستذكار" ٢/ ٣٩٠، "فتح الباري" لابن رجب ٨/ ٤٤١، "فتح الباري" لابن حجر ٢/ ٤٤٧، "عُمدة القاري" ٦/ ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>