للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خالف الثقات عن الأعمش، مع اضطرابه فيه؛ وفيه داهر بن يحيى "رافضيٌّ بغيضٌ، لا يُتَابع على بلاياه".

ب الحكم على الحديث مِنْ وجهه الراجح:

وأمَّا الحديث مِنْ وجهه الراجح "فصحيحٌ لذاته"، وقد أخرجه البخاري في "صحيحه".

وأخرجه البخاري في "صحيحه" (٣٧٦٢) ك/المناقب، ب/مناقب عبد الله ابن مسعود - رضي الله عنه -، مِنْ طريق عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: سَأَلْنَا حُذَيْفَةَ عَنْ رَجُلٍ قَرِيبِ السَّمْتِ وَالهَدْيِ مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى نَأْخُذَ عَنْهُ، فَقَالَ: «مَا أَعْرِفُ أَحَدًا أَقْرَبَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا بِالنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ».

خامسًا: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن الأعمش، عن زَيْدِ بن وَهْبٍ إلا دَاهِرٌ الرَّازِيُّ.

قلتُ: بل أخرجه الطبراني في "الكبير" (٨٤٩٠)، مِنْ طريق عَبْدُ اللهِ بْنُ دَاهِرٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْب، به، والله أعلم.

خامسًا: - التعليق على الحديث:

في الحديث فضيلة لابن مسعود جليلة لشهادة حذيفة له بأنه أشد الناس شبها برسول الله - صلى الله عليه وسلم - في هذه الخصال، وفيه توقى حذيفة حيث قال: من حين يخرج إلى أن يرجع، فإنَّه اقتصر في الشهادة له بذلك على ما يمكنه مشاهدته، وإنما قال لا أدري ما يصنع في أهله؛ لأنه جوز أن يكون إذا خلا يكون في انبساطه لأهله يزيد أو ينقص عن هيئة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أهله، ولم يرد بذلك إثبات نقص في حق عبد الله - رضي الله عنه -. وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" من طريق زيد بن وهب، قال: سمعت ابن مسعود - رضي الله عنه -، قال: اعلموا أن حسن الهدي في آخر الزمان خير من بعض العمل. وسنده صحيح، ومثله لا يقال من قبل الرأي، فكأن ابن مسعود لأجل هذا كان يحرص على حسن الهدي. (١)

وَمَا ورد فِي فضل ابْن مَسْعُود شَيْءٌ كثيرٌ جدًا، ويُزاد عليه بأنَّه عُني بتفقيه أهل الْكُوفَة، وتعليمهم الْقُرْآن من سَنَةِ بِنَاء الكُوفَة، إلى أَوَاخِر خلَافَة عُثْمَان - رضي الله عنه -، عناية لا مزِيد عَلَيْهَا، إِلَى أَن امْتَلَأت الكُوفَة بالقراء، وَالْفُقَهَاء الْمُحدثين، بِحَيْثُ أبلغ بعض ثِقَات أهل الْعلم عدد من تفقه عَلَيْهِ، وَعَلَى أَصْحَابه، نَحْو أَرْبَعَة آلَاف عَالم، حَتَّى إِن عَلّي بن أبي طَالب كرم الله وَجهه، لما انْتقل إِلَى الْكُوفَة سُرَّ من كَثْرَة فقهائها، وَقَالَ: رحم الله ابْن أم عبد، قد مَلأ هَذِه الْقرْيَة علما. وَفِي لفظ: أَصْحَاب ابْن مَسْعُود، سُرُج هَذِه الْقرْيَة. (٢)

* * *


(١) يُنظر: "فتح الباري" (١٠/ ٥١٠).
(٢) مِنْ كلمات الشيخ/محمد زاهد الكوثري في "عجلة المستوفز"، نقلاً عن المكتبة الشاملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>