للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦) شُعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص: "صدوقٌ"، تَقَدَّم في الحديث رقم (٢٦).

٧) عبد الله بن عَمرو بن العاص: "صحابيٌّ جليلٌ"، تَقَدَّم في الحديث رقم (٢٦).

ثالثاً: - الحكم علي الحديث:

- مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "حَسَنٌ"؛ لأجل شُعيب بن محمد والد عَمرو بن شُعيب "صَدوقٌ" كما سبق، بالإضافة إلى أنَّ رواية عَمرو بن شُعيب عن الثقات غير أبيه صحيحةٌ، وروايته عن أبيه عن جَدِّه مِن أعلى مراتب الحسن وأقل مراتب الصحيح.

- وقد تُوبِعَ شُعيبٌ في روايته لهذا الحديث عن جدِّه، تابعه جماعة مِن الثقات، مِنهم: عبد الله بن رَبَاح الأنصاري كما عند الإمام مسلم في "صحيحه".

- وعليه فالحديث بمتابعاته، وشواهده يرتقي مِن الحَسَنِ، إلى "الصحيح لغيره"، والله أعلم.

- وأمَّا عن تَفَرُّد المُعْتَمِر به عن أبيه، فلا يُؤَثِّر في صحته؛ لكونه "ثِقَةٌ"، بل وأعلم النَّاس بحديث أبيه.

- وتَفَرُّد عَمرو بن مُحمَّد النَّاقد به عن المُعْتَمِر، لا يُؤَثِّر كذلك في صِحَّته؛ لكونه "ثِقَةٌ"، بل وعَدَّ العلماء أوهامه، فوجدوه لم يَهِم إلا في حديثٍ واحدٍ كما سبق، مِمَّا يَدُل على شِدَّة ضبطه، والله أعلم.

رابعاً: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِه عن سُلَيْمان التَّيْمِيِّ إلا ابْنُهُ، تَفَرَّدَ به: عَمْرٌو النَّاقِدُ.

مِن خلال ما سبق في التخريج يَتَبَيَّن صِحَّة ما ذهب إليه المُصَنِّف - رضي الله عنه -.

خامساً: - التعليق على الحديث:

المِرَاءُ صفةٌ قبيحة مِن الصفات المرذولة، المُبْعِدَة عن الله، وعن الأخوة والأحباب، وهذا إذا كان في الحق الذي لا يأتي بثمرته، والباطل على وجه العموم في الدين وغيره، فكيف إذا كان المِرَاءُ في القرآن؟! فلا شك أنَّه أشد حُرْمَةً وجُرْماً.

قال البيهقي: قال الحَلِيمِيُّ رحمه الله: والمِرَاءُ - والله أعلم - هو أنْ يَسْمع الرَّجل مِنَ الآخَرِ قِرَاءةً أو آيَةً أو كلمةً لم تكن عنده فيَعْجَلُ عليه ويُخَطِّئُه، فيَنْسِبُ ما يقرأ إلى أنَّه ليس بِقُرْآن، ويُجَادله في ذلك، أو يُجَادِلُهُ في تأويل ما يَذْهبُ إليه، ولم يكن عنده، وَيُخَطِّئُهُ وَيُضَلِّلُهُ، فلا يَنْبَغِي له أنْ يفعل ذلك، فإِنَّ اللِّجَاجَ رُبَّمَا أزاغه عن الحقِّ، فَلِهَذَا حُرِّمَ المِرَاءُ في القُرْآن وسُمِّي كُفْرًا؛ لِأَنَّهُ يُشْرِفُ بِصَاحِبه على الكُفْر، فإنَّ ذلك لو كان في نَفْي حرفٍ أو إِثْبَاتِهِ، أو نفي كلمةٍ أو إثباتها، لكان الزَّائِغُ مِنَ المُتَمَارِينَ عن الحقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ لَهُ، كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يكُونَ مُنْكِراً لشيءٍ مِنَ القُرآن، أو يَكُونُ مُدِّعيَ زيادة فيه.

قال: والمِرَاءُ: الإِصْرَارُ على التَّغْلِيط والتَّضْلِيل، وتَرْكِ الإِذْعَانِ لما يُقَامُ مِنَ الحُجَّة، فأمَّا المُبَاحَثَةُ التي لا يَكَادُ المُشْكَلُ يَنْفَتِحُ إلَّا بِهَا فليست بِحرام، واللهُ أعلم. (١)

وقال النووي: يَحْرمُ المِرَاءُ في القرآن والجدال فيه بغير حق، فَمِنْ ذلك: أن يَظْهَر فيه دلالة الآية على


(١) يُنظر: "شعب الإيمان" (٢/ ٤١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>