ثالثاً:- النظر في الخلاف في هذا الحديث:
مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث مداره على أبي عوانة اليَشْكُري، واختُلف عنه من وجهين:
الوجه الأول: أبو عوانة، عن عاصمٍ بن كُلَيْب، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه وائل بن حُجْرٍ.
الوجه الثاني: أبو عوانة، عن عاصم بن كُلَيْب، عن أبيه كُلَيْب، عن وائل بن حُجْرٍ.
ومِنْ خلال ما سبق يَتَبَيَّن أنَّ الوجه الثاني هو الأقرب، والأشبه بالصواب؛ للقرائن الآتية:
١) الأكثرية: فرواة الوجه الثاني أكثر عدداً مِنْ رواة الوجه الأول.
٢) أنَّ الوجه الأول تَفَرَّد به محمد بن عيس الطَّبَّاع، مع وجود مَنْ يُخالفه.
٣) وجود متابعات لأبي عوانة بالوجه الثاني، مِمَّا يؤكد أنَّه ضبط الحديث بالوجه الثاني دون الأول؛ وقد بَيَّن غير واحدٍ مِنْ أهل العلم - كما سبق - أنَّه رُبَّما وَهِمَ إذا حدَّث مِنْ حفظه، فلعلَّه حدَّث بالحديث مِنْ حفظه بالوجه الأول فوهم فيه، والله أعلم.
رابعًا:- الحكم على الحديث:
أ الحكم على الحديث بإسناد الطبراني:
مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "شاذٌ"؛ لمخالفة محمد بن عيسى الطَّبَّاع ما رواه الثقات عن أبي عوانة، مع عدم وجود مُتابعٍ له على هذا الوجه.
ب الحكم على الحديث مِنْ وجهه الراجح:
ومِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث مِنْ وجهه الراجح "صَحيحٌ لذاته"، وللحديث شواهد في "الصحيحين". (١)
[خامسا:- النظر في كلام المصنف - رضي الله عنه - على الحديث]
قال المُصنف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِه عن عاصم، عن عبد الجبَّار إلا أبو عوانة، تَفَرَّدَ به: مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى.
قلتُ: ومِمَّا سبق يَتَبَيَّنُ أنَّ حكم الإمام بالتَّفرد صحيحٌ، ولم أقف على ما يدفعه، وهو تفرد نسبيٌّ.
* * *
(١) أخرجه البخاري (٧٩٠)، ك/الصلاة، ب/وَضْع الأكف على الركب في الركوع. ومسلمٌ (٥٣٥)، ك/ المساجد ومواضع الصلاة، ب/الندب إلى وضع الأيدي على الركب في الركوع، ونسخ التطبيق، مِنْ حديث مُصْعَب بن سعد. وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، أخرجه البخاري في "صحيحه" (٧٩٣)، ك/ الصلاة، ب/ استواء الظهر في الركوع.