رابعًا: - النظر في الخلاف والترجيح:
مِمَّا سبق يَتَبيَّن أنَّ الحديث مَدَاره على مُحمد بن ثابت العَبْديّ، واختُلف عنه مِنْ أوجه:
الوجه الأول: محمد بن ثابت، عن جبلة بن عطية، عن عبد الله بن الحارث، عن ابن عبَّاس ¶.
الوجه الثاني: محمد بن ثابت، عن جبلة، عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث، عن ابن عبَّاس ¶.
الوجه الثالث: محمد بن ثابت، عن جبلة، عن إسحاق بن عبد الله، عن كُريب، عن ابن عبَّاس ¶.
والذي يَظهر - والله أعلم - أنَّ الحديث غير محفوظٍ بأي وجه مِنْ هذه الوجوه الثلاثة:
فَمَدَارها جميعًا على محمد بن ثابت العبديّ، وهو "ضَعيفٌ يُكتب حديثه"، وحديثه ليس بالكثير، وعامة حديثه لا يُتابع عليه - كما سبق في ترجمته -، وقد اضطرب فيه، ولم يُتابع في هذا الحديث على وجهٍ مِنْ الوجوه، وليس مُثله مِمَّن يُحتمل منه تَعَدُّد الأسانيد، والحديث محفوظٌ عن ابن عبَّاس ¶ مِنْ طُرُقٍ أخرى - كما سيأتي بيانها -.
خامسًا: - الحكم على الحديث:
مِمَّا سبق يَتَبَيَّنُ أنَّ الحديث بإسناد الطبرانيّ "ضَعيفٌ"؛ لأجل محمد بن ثابت العبديّ "ضَعيفٌ"، وقد اضطرب في روايته لهذا الحديث، ولم يُتابع على روايته - كما سبق بيانه - والله أعلم -.
قلتُ: والحديثُ محفوظٌ عن ابن عبَّاس ¶ مِنْ طُرُقٍ أخرى، كما يلي:
• فأخرجه البخاري في "صحيحه" (١١٧)، ك/العلم، ب/السَّمَرِ فِي العِلْمِ، وبرقم (٦٩٧) ك/الآذان، ب/يَقُومُ عَنْ يَمِينِ الإِمَامِ، بِحِذَائِهِ سَوَاءً إِذَا كَانَا اثْنَيْنِ، وبرقم (٦٩٩) ك/الآذان، ب/إِذَا لَمْ يَنْوِ الإِمَامُ أَنْ يَؤُمَّ، ثُمَّ جَاءَ قَوْمٌ فَأَمَّهُمْ، مِنْ طرق عن سَعِيد بن جُبَيْرٍ، عن ابن عَبَّاسٍ ¶، قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ بِنْتِ الحَارِثِ زَوْجِ النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -، وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَهَا فِي لَيْلَتِهَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - العِشَاءَ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ نَامَ، ثُمَّ قَامَ، ثُمَّ قَالَ: «نَامَ الغُلَيِّمُ» أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا، ثُمَّ قَامَ، فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ، فَصَلَّى خَمْسَ رَكَعَاتٍ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ نَامَ، حَتَّى سَمِعْتُ غَطِيطَهُ أَوْ خَطِيطَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ.
• وأخرجه البخاريُّ في "صحيحه" (١٨٣)، ك/الوضوء، ب/قِرَاءَةِ القُرْآنِ بَعْدَ الحَدَثِ، وبرقم (٦٩٨) ك/الآذان، ب/إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، فَحَوَّلَهُ الإِمَامُ إِلَى يَمِينِهِ، لَمْ تَفْسُدْ صَلَاتُهُمَا، وبرقم (٧٢٦) ك/الآذان، ب/إِذَا قَامَ الرَّجُلُ عَنْ يَسَارِ الإِمَامِ، وَحَوَّلَهُ الإِمَامُ، خَلْفَهُ إِلَى يَمِينِهِ تَمَّتْ صَلَاتُهُ، وبرقم (٨٥٩) ك/الآذان، ب/وُضُوءِ الصِّبْيَانِ، وبرقم (٩٩٢) ك/الوتر، ب/ما جَاءَ فِي الوِتْرِ، وبرقم (١١٩٨) ك/العمل في الصلاة، ب/اسْتِعَانَةِ اليَدِ فِي الصَّلَاةِ، ومُسلمٌ في "صحيحه" (٧٦٣) ك/الصلاة، ب/الدُّعَاءِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ، مِنْ طُرُقٍ عن كُرَيْبٍ - مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ¶ -، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ ¶ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ بَاتَ لَيْلَةً عِنْدَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهِيَ خَالَتُهُ، فَاضْطَجَعْتُ فِي عَرْضِ الوِسَادَةِ، وَاضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَهْلُهُ فِي طُولِهَا، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،