للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإسماعيل بن مسلم المكي، والإسناد إلى الحسن من طريق يُونس بن عُبيد صحيحٌ، فَدَلَّ ذلك على أنّ أَشْعث قد وَهِم وأخطأ في رواية الحديث بالوجه الأول، وأنه قد حَفِظ الحديث وضبطه بالوجه الثاني.

رابعًا: - الحكم على الحديث:

أ الحكم على الحديث بإسناد الطبراني في "الأوسط":

مِمَّا سبق يتضح أنّ الحديث بإسناد الطبراني "ضَعِيْفٌ"؛ لأجل أَشْعث بن سوّار "ضعيفٌ"، وقد انفرد به، ولم يتابعه أحد على هذا الوجه، بالإضافة إلى اضطرابه في هذا الحديث فرواه مرّة عن أبي الزبير، عن جابر، ومرَّة عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص.

قلتُ: والأَشْعث لم يضبط، ولم يحفظ أحاديث أبي الزبير جيدًا، فقد قال زُهير: رأيتُ أَشْعث بن سوّار عند أبي الزبير قائمًا دونه الناس، وأبو الزبير يُحدّث، فيقول أشعث: كيف قال؟ وأيّ شيءٍ قال؟. (١)

وقال الهيثمي: رواه الطبراني، وفيه أَشْعث بن سوّار، وثّقه ابن معين، واختُلف في الاحتجاج به. (٢)

قلتُ: وسبق بيان أقوال أهل العلم فيه، وتَبَيَّن أنَّ الجمهور على تضعيفه.

ب الحكم على الحديث مِنْ الوجه الراجح (بإسناد الطبراني في "المعجم الكبير"):

ومِمَّا سبق يتضح أنّ الحديث من طريق أَشْعث بن سوّار، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، "إسناده ضعيفٌ"؛ لأجل أَشْعث بن سوّار، وحِبَّان بن عليّ العَنَزيّ، وكلاهما "ضعيفٌ، يُعتبر به".

مُتابعات للحديث:

وأشعث بن سَوَّار تابعه غير واحد - كما سبق في التخريج -، منهم: يونس بن عُبيد - وإسناده صحيح -، وعليه فالأثر عن عثمان بن أبي العاص يرتقي بمتابعاته من "الضعيف"، إلى "الصحيح لغيره".

- قلتُ: والحديث أَعَلَّه غير واحدٍ (٣) بعدم سماع الحسن من عثمان بن أبي العاص، وقد سبق أن ثبت سماعه منه، أثبته علي بن المديني صراحةً، وأحمد والبخاري إشارةً، فلا وجه لإعلال الحديث به، فالأثر "صحيحٌ" بمتابعاته، ومجموع طُرُقه.

- فالحديث صحَّ عن عثمان بن أبي العاص، من قوله، وقد رُوي عنه مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكنه لم يصح، فإسناده واهٍ، وقد خُولف راويه، فلا يُعتبر به. (٤)


(١) يُنظر: "الكامل" لابن عدي (٢/ ٤٠)، "تهذيب الكمال" (٣/ ٢٦٧).
(٢) يُنظر: "مجمع الزوائد" ٢٨١١١.
(٣) كما فعل الزيلعي في "نصب الراية" (٤/ ٢٧٠)، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (١/ ٣٠٣)، والدكتور/الجُديع في "كشف الالتباس عن أحكام النفاس" (ص/١٣).
(٤) فالحديث قد رُويَ عن عثمان بن أبي العاص، مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه الدارقطني في "سننه" (٨٥٤)، وسنده "ضعيف جدًا"، فيه عمر بن هارون البَلْخيّ، قال عنه الحافظ في "التقريب" (٤٩٧٩): متروك، وكان حافظًا. وفيه أيضًا أبو بكر الهُذَلي، قال فيه الحافظ في "التقريب" (٨٠٠٢): إخباريٌّ متروك الحديث؛ بالإضافة إلى أنّ عمر بن هارون هذا قد خالفه غيره، فرواه جماعة من حديث عثمان بن أبي العاص موْقوفًا. قال الدارقطني: رَفَعَهُ عُمَرُ بن هَارُونَ، وَخَالَفَهُ وَكِيعٌ، وكذلك رَوَاهُ أَشْعَثُ بن سَوَّارٍ، ويُونُسُ بن عُبَيْدٍ، ومُبَارَكِ بن فَضَالَةَ، رَوَوْهُ عن الحَسَنِ، عن عُثْمَانَ بن أبي العَاصِ مَوْقُوفًا. وكذلك رُوِيَ عن عُمَرَ، وابن عَبَّاسٍ، وأنسِ بن مَالِكٍ - رضي الله عنهم -، وَغَيْرِهِمْ من قولهم. يُنظر: كلام الدارقطني في "السنن" (١/ ٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>