للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني: قُرَّة بن عبد الرحمن، عن الزُّهري، عن أبي سلمة، عن أبي هُريرة - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلاةِ فَقَدْ أَدْرَكَهَا قَبْلَ أَنْ يُقِيمَ الإِمَامُ صُلْبَهُ».

ومِنْ خلال ما سبق يَتَّضح رُجحان الوجه الأول، للقرائن الآتية:

١) وجود متابعات للوجه الأول: فلم يَنْفرد قُرَّة بن عبد الرحمن عن الزُّهري، بل تابعه جماعة مِنْ الثقات، مِمَّا يُؤكد أنَّه قد ضبط هذا الحديث عن الزُّهري.

٢) إخراج البخاري ومسلم للحديث في "صحيحيهما" مِنْ طُرقٍ عن الزُّهري بالوجه الأول.

٣) إنكار غير واحد مِن أهل العلم لتلك الزيادة التي تَفَرَّد بها يحيى بن حُميد عن قُرة بن عبد الرحمن: لضَعْفه، مع عدم وجود مُتابع له، وترجيحهم لرواية الجماعة عن الزُّهري - وسبق ذكر بعضها في التخريج عن البخاريّ، والعُقَيْليّ، وابن عَديّ، ونزيد عليها ما يلي:

• قال الدارقطني - بعد أن أطال النَّفس في ذكر الاختلاف في هذا الحديث على الزُّهري، وذِكْره لرواية قُرَّة بن عبد الرحمن -: وَالصَّحِيحُ قَوْلُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَيَحْيَى الْأَنْصَارِيِّ، وَمَالِكٍ، وَمَنْ تَابَعَهُمْ عَلَى الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ. وهذه الزيادة زادها قُرَّة بن عبد الرحمن فيه. (١)

• وقال البيهقي: والصحيح رواية الجماعة عن الزُّهري. (٢)

• وقال ابن رجب الحنبلي - بعد أن ذكر الحديث مِن رواية قُرَّة بالوجه الثاني -: ليس هذا اللفظ بمحفوظ عن الزهري، وقرة هذا مختلف في أمره، وتفرد بهذا الحديث عنه يحيى بن حميد بهذه الزيادة، وقد أنكرها عليه البخاري والعقيلي وابن عدي والدارقطني وغيرهم. (٣)

رابعاً: - الحكم على الحديث:

أ الحكم على الحديث مِن وجهه الراجح (بإسناد الطبراني):

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "ضَعيفٌ"؛ في إسناده سُويد، وقُرَّة، وهما ضعيفان.

وللحديث مُتابعاتٌ في "الصحيحين" وغيرهما، فيرتقي بها الحديث إلى "الصحيح لغيره"، والله أعلم.

ب الحكم على الحديث مِن وجهه المرجوح:

وأمَّا الزيادة التي تفرَّد بها يَحيى بن حُميد "فمُنْكرةٌ"، لضَعف راويها مع انفراده بها، والله أعلم.

خامسًا: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن قُرَّةَ إلا سُوَيْدٌ وَرِشْدِينٌ.

قلتُ: ومِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ حكم الإمام على الحديث بالتفرد صحيحٌ، ولم أقف - على حد بحثي - على ما


(١) يُنظر: "العلل" للدَّارقطني (٩/ ٢٢٢/مسألة ١٧٣٠)، ويُنظر أيضاً "البدر المنير" لابن الملقن (٤/ ٥٠٧).
(٢) يُنظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (٣/ ٢٨٧).
(٣) يُنظر: "فتح الباري" لابن رجب (٥/ ١٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>