للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- صلى الله عليه وسلم - راوية خمرٍ، فقال: يا أبا عامر، إنها قد حُرِّمت بعدك. قال: يا رسول اللَّه، بِعْها. قال: «إنّ الّذي حرّم شُرْبها حرّم بَيْعها».

قال ابن حجر: وهذا أخرجه الطّبرانيّ في "الأوسط" من هذا الوجه، لكن قال: إن رجلًا من ثقيف يُكْنى أبا تمام - بمثناة، وميم ثقيلة، وآخره ميم-، وقد صحفه أبو موسى - أي قال: إحدى الروايتيْن تصحيف، قاله ابن حجر في "الإيثار بمعرفة رواة الآثار" (١/ ٢٠٦) -. وقال في "الإصابة" - في ترجمة أبي تَمَّام الثَّقَفِي -: وهذا خطأٌ نشأ عن تغيير؛ والرَّاجح أنه أبو عامر. (١) قلتُ: ولم أقف عليه بهذا الوجه إلا عنده.

ثالثًا:- النظر في الخلاف على هذا الحديث:

مما سبق يَتَبَيَّنُ أنَّ الحديث مداره على زيد بن أبي أُنَيسة، واختُلف عليه فيه من وجهين:

الوجه الأول: زيد بن أبي أُنَيسة، عن أبي بكر بن حفص، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه.

الوجه الثاني: زيد بن أبي أُنَيسة، عن أبي بكر بن حفص، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن رجلٍ من ثقيف يُقال له: أبو عامر.

والذي يظهر - والله أعلم - أنَّ الحديث لعلَّه محفوظٌ مِنْ الوجهين؛ فالحديث بالوجه الأول وإنْ كان سنده فيه ضَعْفٌ، ألا أنَّ له مُتابعة "سندها "ضَعيفٌ" - كما سبق -، فيتقوى أحدهما بالآخر. والحديث بالوجه الثاني احتج به الحافظ ابن حجر، ولم يذكر للإسناد علَّة. ولَعَلَّ عبد الله بن عامر سمعه مِنْ أبيه، ومَرَّة مِنْ رجلٍ مِنْ ثَقيفٍ، وسماعه منهما مُحتمل، ولم يُوصف بالتدليس.

رابعًا:- الحكم على الحديث:

مما سبق يَتَبَيَّن أن الحديث بإسناد الطبرانيُّ "ضعيفٌ فيه: عبد الله بن جعفر "ثِقَةٌ، قبل أنْ يَتَغَيَّر"، وأحمد ابن خُليد، لا نعلم هل روى عنه قبل الاختلاط أم بعده، ومن كان كذلك فلا يُقبل حديثه إلا إذا تُوبع.

[شواهد للحديث]

• أخرج الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث ابْنُ عَبَّاسٍ؛ قال: إِنَّ رَجُلاً أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَاوِيَةَ خَمْرٍ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا؟» قَالَ: لا، فَسَارَّ إِنْسَانًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «بِمَ سَارَرْتَهُ؟»، فَقَالَ: أَمَرْتُهُ بِبَيْعِهَا، فَقَالَ: «إِنَّ الَّذِي حَرَّمَ شُرْبَهَا حَرَّمَ بَيْعَهَا»، قَالَ: فَفَتَحَ الْمَزَادَةَ حَتَّى ذَهَبَ مَا فِيهَا. (٢)

• أخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا؛ قال: لَمَّا نَزَلَتْ آيَاتُ سُورَةِ البَقَرَةِ عَنْ آخِرِهَا، خَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: «حُرِّمَتِ التِّجَارَةُ فِي الخَمْرِ». (٣)


(١) يُنظر: "الإصابة" (١٢/ ٤٩٣).
(٢) أخرجه مسلم في "صحيحه" (١٥٧٩/ ١ - ٢) ك/المساقاة، ب/تحريم بيع الخمر.
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٢٢٢٦) ك/البيوع، ب/تحريم التجارة في الخمر. برقم (٤٥٩) ك/الصلاة، ب/تحريم تجارة الخمر في المسجد - وفيه أنَّ الآيات هي آيات الربا، وأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى المسجد فقرأهن-، وبرقم (٢٠٨٤) ك/البيوع، ب/آكل الربا وشاهده وكاتبه، وبرقم (٤٥٤٠) ك/التفسير، ب/"وأحلَّ الله البيع وحرَّم الربا"، وبرقم (٤٥٤١) ك/التفسير، ب/"يمحق الله الربا"، وبرقم (٤٥٤٢) ب/"فأذنوا بحربٍ من الله ورسوله"، وبرقم (٤٥٤٣) ب/"وإن كان ذو عُسرةٍ فنَظِرةٌ إلى ميسرة وأن تصدَّقوا خيرٌ لكم إن كنتم تعلمون". وأخرجه مسلم في "صحيحه" (١٥٨٠/ ١ - ٢) بنحوه، ك/المساقاة، ب/تحريم بيع الخمر. ولدفع ما قد يُشْكل على الحديث يُنظر: "فتح الباري" لابن رجب ٣/ ٤٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>