(٢) يُنظر: "فتح الباري" (١١/ ٣٤٢). (٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٦٥٠٢)، ك/الرقاق، ب/التواضع. والحديث أخرجه البخاري عن مُحَمَّد بن عُثْمَانَ بن كَرَامَةَ، قال: حدَّثنا خالدُ بن مخلدٍ، حدَّثنا سُلَيْمَانُ بن بِلَالٍ، حدَّثني شَرِيكُ بن عَبْدِ اللَّهِ بن أبي نَمِرٍ، عن عطاءٍ، عن أبي هُرَيْرَةَ. وقال الذهبي في ترجمة خالد بن مخلد القَطَواني مِنْ "الميزان" (١/ ٦٤١): هذا الحديث مِمَّا انفرد به خالد بن مخلد، وهو حديثٌ غريبٌ جداً، ولولا هيبة "الجامع الصحيح" لعَدُّوه في مُنكرات خالد، وذلك لغرابة لفظه، ولأنه مما ينفرد به شريك، وليس بالحافظ، ولم يُرو هذا المتن إلا بهذا الإسناد، ولا خرجه من عدا البخاري، ولا أظنه في "مسند أحمد"، وقد اختلف في عطاء فقيل: هو ابن أبي رباح، والصحيح أنه عطاء به يسار.
قلت: وعَقَّب الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (١١/ ٣٤١ - ٣٤٢) على كلام الذهبي بقوله: ليس هو في "مسند أحمد" جزماً، وإطلاق أنه لم يُرو هذا المتن إلا بهذا الإسناد مردودٌ؛ ومع ذلك فشريك شيخُ شيخِ خالد فيه مقال أيضا، وهو راوي حديث المعراج الذي زاد فيه ونقص وقدَّم وأخر، وتفرَّد فيه بأشياء لم يُتابع عليها؛ ولكن للحديث طرق أخرى يدل مجموعها على أن له أصلاً، فرُوي عن عائشة، وأبي أمامة، وعلي، وابن عباس، وأنس، وحذيفة، ومعاذ بن جبل، وعزاها إلى مخرجيها، وتكلم عليها. وقد أطال وأجاد الشيخ/الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" (٤/ ١٨٣ - ١٩٠/حديث رقم ١٦٤٠)، في دراسة هذه الشواهد، وزاد عليها، وختم الكلام بقوله: وخلاصة القول: إن أكثر هذه الشواهد لا تصلح لتقوية الحديث بها، إما لشدة ضعف إسنادها، وإما لاختصارها، اللهم إلا حديث عائشة، وحديث أنس بطريقيه، فإنهما إذا ضما إلى إسناد حديث أبي هريرة اعتضد الحديث بمجموعها وارتقى إلى درجة الصحيح إن شاء الله تعالى، وقد صححه جمع مِنْ العلماء. قلتُ: أمَّا حديث أنس فيقصد بطريقيه: الوجه الأول والثاني اللذين معنا في الباب، وقد سبق أنْ بَيَّنت أنَّ حديث أنس مداره على صدقة بن عبد الله وقد ضَعَّفه الجمهور، وقد اضطرب في هذا الحديث مِنْ ثلاثة أوجه، مِمَّا يدل على عدم ضَبطه لهذا الحديث، لعدم وجود مُتابعٍ له - على حد بحثي - على وجهٍ مِنْ هذه الوجوه الثلاثة، وعليه فحديث أنس لا يصلح للاعتبار والاستشهاد، ويبقى حديث عائشة، وأبي هريرة - رضي الله عنهم -، فيصح الحديث بمجموع طرقهما - والله أعلم -.