بينما وقع في رواية الترمذي "محمد بن عمرو بن علي"، وذهب غير واحدٍ إلى أنَّ الترمذي أخطأ في ذلك، وبيَّنوا أنَّ الصواب ما رواه غير واحد، منهم: أبي توبة، وعبد الرحمن بن واقد، وغيرهما، عن فرج، عن يحيى، عن محمد بن علي بن أبي طالب. فقال المزي في "التحفة" (٧/ ٤٤٤): محمد بن عمرو بن علي - إن كان محفوظًا -، عن عليِّ، ثُمَّ ذكر طرفًا من رواية الباب. وقال في "تهذيب الكمال" (٢٦/ ٢١٩) - ونقله عنه أبو زرعة ابن العراقي في "تحفة التحصيل" (ص/٢٨٤) -: بأنّ رواية العامة - وهي رواية من قال محمد بن علي بن أبي طالب - هي الأشبه بالصواب.
وقال الذهبي في "الميزان" (٣/ ٣٤٤): وفي "الجامع" للترمذي محمد بن عَمرو بن علي، عن عليّ، ولا يُعرف مَن اسمه عمرو في أولاد علي - وهكذا قال ابن حجر في "تهذيب التهذيب" (٩/ ٣٧٧) -، ثُمَّ قال الذهبي: ومحمد هو ابن الحنفية، كذا رواه أبو توبة، وعبد الرحمن بن واقد، وشذَّ الترمذي، فرواه بسنده عن محمد بن عمرو بن علي، كذا قال. ا. هـ. وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" (٦١٨٩): "مجهول"، من الثالثة، وقيل: الصواب عن محمد بن علي. قلتُ: ولم يشر إلى ذلك الشيخ/ أحمد شاكر، وكذلك الشيخ/ شعيب الأرنؤوط في طبعتهما لـ"سنن الترمذي - والله أعلم. (٢) هكذا رواه غير واحدٍ مِنْ الثقات، عن فرج بن فضالة، وخالفهم سويد بن سعيد، فرواه عن فرجٍ بإسنادٍ آخر، ومتنٍ أطول مما هنا، أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٣/ ٣٥٨)، بسنده من طريق سويد بن سعيد، عن فرج بن فضالة، عن عبد الله بن عُبيد بن عُمير الليثي، عن حذيفة بن اليمان قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مِنِ اقْتِرَابِ السَّاعَةِ اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ خَصْلَةً: إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ أَمَاتُوا الصَّلَاةَ، وَأَضَاعُوا الْأَمَانَةَ، وَأَكَلُوا الرِّبَا، وَاسْتَحَلُّوا الْكَذِبَ، وَاسْتَخَفُّوا الدِّمَاءَ، وَاسْتَعْلَوُا الْبِنَاءَ، وَبَاعُوا الدِّينَ بِالدُّنْيَا، وَتَقَطَّعَتِ الْأَرْحَامُ، وَيَكُونُ الْحُكْمُ ضَعْفًا، وَالْكَذِبُ صِدْقًا، وَالْحَرِيرُ لِبَاسًا، وَظَهَرَ الْجَوْرُ، وَكَثُرَ الطَّلَاقُ، وَمَوْتُ الْفُجَاءَةِ، وَائْتُمِنَ الْخَائِنُ، وَخُوِّنَ الْأَمِينُ، وَصُدِّقَ الْكَاذِبُ، وَكُذِّبَ الصَّادِقُ، وَكَثُرَ الْقَذْفُ، وَكَانَ الْمَطَرُ قَيْظًا، وَالْوَلَدُ غَيْظًا، وَفَاضَ اللِّئَامُ فَيْضًا، وَغَاضَ الْكِرَامُ غَيْضًا، وَكَانَ الْأُمَرَاءُ فَجَرَةً، وَالْوُزَرَاءُ كَذِبَةً، وَالْأُمَنَاءُ خَوَنَةً، وَالْعُرْفَاءُ ظَلَمَةً، وَالْقُرَّاءُ فَسَقَةً، وَإِذَا لَبِسُوا مُسُوكَ الضَّأْنِ، قُلُوبُهُمْ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ، وَأَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ، يُغَشِّيهِمُ اللهُ فِتْنَةً يَتَهَاوَكُونَ فِيهَا تَهَاوُكَ الْيَهُودِ الظَّلَمَةِ، وَتَظْهَرُ الصَّفْرَاءُ، يَعْنِي الدَّنَانِيرَ، وَتُطْلَبُ الْبَيْضَاءُ، يَعْنِي الْدَرَاهِمَ، وَتَكْثُرُ الْخَطَايَا، وَتَغُلُّ الْأُمَرَاءُ، وَحُلِّيَتِ الْمَصَاحِفُ، وَصُوِّرَتِ الْمَسَاجِدُ، وَطُوِّلَتِ الْمَنَابرُ، وَخُرِّبَتِ الْقُلُوبُ، وَشُرِبَتِ الْخُمُورُ، وَعُطِّلَتِ الْحُدُودُ، وَوَلَدَتِ الْأَمَةُ رَبَّتَهَا، وَتَرَى الْحُفَاةَ الْعُرَاةَ وَقَدْ صَارُوا مُلُوكًا، وَشَارَكَتِ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا فِي التِّجَارَةِ، وَتَشَبَّهَ الرِّجَالُ بِالنِّسَاءِ وَالنِّسَاءُ بِالرِّجَالِ، وَحُلِفَ بِاللهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَحْلَفَ، وَشَهِدَ الْمَرْءُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُسْتَشْهَدَ، وَسُلِّمَ لِلْمَعْرِفَةِ، وَتُفِقِّهَ لِغَيْرِ الدِّينِ، وَطُلِبَتِ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ، وَاتُّخِذَ الْمَغْنَمُ دُوَلًا، وَالْأَمَانَةُ مَغْنَمًا، وَالزَّكَاةُ مَغْرَمًا، وَكَانَ زَعِيمُ الْقَوْمِ أَرْذَلَهُمْ، وَعَقَّ الرَّجُلُ أَبَاهُ، وَجَفَا أُمَّهُ، وَبَرَّ صَدِيقَهُ، وَأَطَاعَ زَوْجَتَهُ، وَعَلَتْ أَصْوَاتُ الْفَسَقَةِ فِي الْمَسَاجِدِ، وَاتُّخِذَتِ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ، وَشُرِبَتِ الْخُمُورُ فِي الطُّرُقِ، وَاتُّخِذَ الظُّلْمُ فَخْرًا، وَبِيعَ الْحُكْمُ، وَكَثُرَتِ الشُّرَطُ، وَاتُّخِذَ الْقُرْآنُ مَزَامِيرَ، وَجُلُودُ السِّبَاعِ صِفَاقًا، وَالْمَسَاجِدُ طُرُقًا، وَلَعَنَ آخِرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوَّلَهَا، فَلْيَتَّقُوا عِنْدَ ذَلِكَ رِيحًا حَمْرَاءَ، وَخَسْفًا، وَمَسْخًا، وَآيَاتٍ". غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ فِيمَا أَعْلَمُ إِلَّا فَرَجُ بْنُ فَضَالَةَ. قلتُ: وسويد بن سعيد هو الهروي، قال عنه الحافظ في "التقريب" (٢٦٩٠): صدوقٌ في نفسه إلا أنه عَمِيَ فصار يتلقّن ما ليس من حديثه. وهو لا يقوَى على مناهضة رواية الأكثرية عن ابن فضالة، فروايته شاذة، بالإضافة إلى أن رواية عبد الله بن عُبيد، عن حذيفة مُرْسلة، كما قال أبو نعيم في "الحلية" (٣/ ٣٥٦).