للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَبَّاسٍ، عن مَيْمُونَةَ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَرُوِيَ عنه، عن سَوْدَةَ؛ وسمعتُ مُحَمَّدًا - يعني البخاري -: يُصَحِّحُ حديث ابن عَبَّاسٍ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وحديث ابن عَبَّاسٍ عن مَيْمُونَةَ، وقال: أحتمل أن يكون رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ، عن مَيْمُونَةَ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَرَوَى ابنُ عَبَّاسٍ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، ولم يَذْكُرْ فيه عن مَيْمُونَةَ.

والعمل على هذا - أي على جواز تطهير جلود الميْتة بالدباغ - عند أكثر أهل العلم، وهو قول سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وابن المُبَارَكِ، والشَّافِعِيِّ، وأحمد، وإسحاق. (١)

_ والحديثُ - في تطهير جلود الميْتة - عَدَّهُ الكِتَّانيُّ من المتواتر (٢)، وذكر أنه وَرَد من رواية أربعة عشر صحابيًا. وكذلك قال المناوي في "التيسير": متواتر (٣). وقال الطحاوي: وقد جاءت عن رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - آثَارٌ مُتَوَاتِرَةٌ صحيحة المجيء، مُفَسَّرَة المعنى، تُخْبِرُ عن طهارة ذلك يعني جلد الميتة بالدِّبَاغِ، ثم ساق بعضها بأسانيده، ثم قال: فقد جاءت هذه الآثَارُ مُتَوَاتِرَة في طُهُورِ جِلْدِ المَيْتَةِ بالدِّبَاغِ، وهي ظاهرةُ المعنى؛ فهي أولى مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بن عُكَيْمٍ الذي لم يَدُلَّنَا على خلاف ما جاءت به هذه الآثَارُ. (٤)

والحكم عليه بالتواتر يحتاج إلى دراسةٍ وبحثٍ، فأغلب هذه الطرق ضعيفة، ولا يَسَعُ المجال لدراستها. (٥)

رابعًا:- النظر في كلام المصنف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المصنف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن يحيى بن سعيد، إلا فرج بن فضالة.

• وبالنظر في طرق هذا الحديث بعد تخريجها يتضح صحة ما ذهب إليه المصنف - رضي الله عنه -، وأَنَّ هذا الحديث لم يَرْوه عن يحيى بن سعيد، إلا فرج بن فضالة؛ وقد وافقه على ذلك غير واحدٍ من أهل العلم، منهم: ابن عَدِي، والدارقطني، والبيهقي، ونَقَل كلامهم غير واحدٍ من الأئمة: كابن الجوزي في "التنقيح"، والزَّيْلعي في "نصب الراية"، وابن حجر في "التلخيص الحبير"، وغيرهم، مع عدم تعقبهم له في ذلك.

• وأما قول المصنف - رضي الله عنه - في "الأوْسط" عقب الحديث رقم (٩٣٩٠): ولا يُرْوَى عن أُمِّ سَلَمة إلا بهذا الإسناد؛ فغير مُسَلَّم له في ذلك، فقد رُوي عن أُم سَلَمة بغير هذا الإسناد - كما سبق في التخريج -.

قلتُ: وهذه الطرق وإن كانت "مُنْكرة" - كما سبق بيانها -، فلا أستطيع هنا أن أعتذر عن المصنف - رضي الله عنه -، بكوْنه لم يعتبر بها لشدة ضعفها؛ لأن طريق الباب برواية فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد "مُنْكرة" أيضًا، فتساوت المُتابعات، فلا يُعْتدُّ بها جميعًا، ولعل هذا من السهو والنسيان، الذي كتبه الله - عز وجل - على عباده، بدليل أنّ المصنف - رضي الله عنه - أخرج طرق أُم سَلَمة كلها في معجميْه "الأوسط، والكبير"، فَرَحِم الله - عز وجل - هذا الإمام رحمةً واسعة، وعَفَا عنّا وعنه، وأرضانا وأرضاه، وجعل الجنة مثوانا ومثواه، آمين.


(١) يُنظر: "سنن الترمذي" (١٧٢٨)، ك/ أبواب اللباس، ب/ ما جاء في جلود الميْتة إذا دُبِغت.
(٢) يُنظر: "نظم المتناثر من الحديث المتواتر" حديث رقم (٢١).
(٣) يُنظر: "التيسير بشرح الجامع الصغير" ٢/ ٢.
(٤) يُنظر: "شرح معاني الآثار" (١/ ٤٦٩ - ٤٧١).
(٥) يُنظر: "البدر المنير" (١/ ٥٨٧ - ٦٠٠)، و"التلخيص الحبير" (١/ ٧٥ - ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>