للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثًا: الحكم على الحديث:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبرانيّ "ضَعيفٌ"؛ فيه الوليد بن مُسلم "يُدَلِّس تدليس التسوية"، وقد رواه بالعنعنة، وسعيد بن بَشير "صدوقٌ، يروى عن قتادة المُنْكرات"، وقتادة لم يَسْمَع مِنْ أبي قِلابَة، فيما قاله: أحمد، وابن معين، والفَلَّاس، وأبو حاتم، والمِزِّيّ؛ وعلى فرض ثبوت سماعه، فإنَّه يُدَلِّس، وقد رواه بالعنعنة.

شواهد للحديث:

• أخرج البخاريُّ، ومُسلمٌ في "صحيحيهما"، عن أبي بَكْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، عَنِ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، إِلا سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَشْتَرِيَ الْفِضَّةَ بِالذَّهَبِ كَيْفَ شِئْنَا، وَنَشْتَرِيَ الذَّهَبَ بِالْفِضَّةِ كَيْفَ شِئْنَا، قَالَ: فَسَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَدًا بِيَدٍ؟ فَقَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُ. (١) واللفظ لمُسلمٍ.

• وأخرج الإمام مُسلمٌ في "صحيحه"، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «التَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلا بِمِثْلٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَمَنْ زَادَ، أَوِ اسْتَزَادَ، فَقَدْ أَرْبَى، إِلا مَا اخْتَلَفَتْ أَلْوَانُهُ». (٢)

وللحديث مُتابعات في "صحيح مُسلم"، سبق ذكرها في التخريج؛ وعليه فالحديث يرتقي بمتابعاته، وشواهده إلى "الصحيح لغيره"، دون قوله: "اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ"، لمخالفتها لما صَحَّ عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ"، ولعَلَّ هذه اللفظة مِنْ مُنْكرات سعيدٍ بن بَشير، عن قتادة، والله أعلم.

رابعًا: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن قَتَادَةَ إلا سَعِيدُ بن بُشَيْرٍ.

قلتُ: وحكم الإمام على الحديث بالتفرد صحيحٌ، ولم أقف على ما يدفعه، وهو تَفَرُّدٌ نِسْبِيٌّ.

التعليق على الحديث:

قال الإمام الترمذي: وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ، لا يَرَوْنَ أَنْ يُبَاعَ البُرُّ بِالبُرِّ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَصْنَافُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ مُتَفَاضِلًا إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَغَيْرِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ، وَقَدْ كَرِهَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ: أَنْ تُبَاعَ الحِنْطَةُ بِالشَّعِيرِ إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَالقَوْلُ الأَوَّلُ أَصَحُّ. (٣)

* * *


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٢١٧٥) ك/البيوع، ب/بيع الذَّهب بالذَّهب، وبرقم (٢١٨٢) ك/البيوع، ب/بَيْعِ الذَّهَبِ بِالوَرِقِ يَدًا بِيَدٍ، ومُسْلمٌ في "صحيحه" (١٥٩٠) ك/البيوع، ب/النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَرِقِ بِالذَّهَبِ دَيْنًا،
(٢) أخرجه الإمام مُسلمٌ في "صحيحه" (١٥٨٨/ ١)، ك/البيوع، ب/ الصَّرْفِ وَبَيْعِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ نَقْدًا.
(٣) "سنن الترمذي" عقب الحديث رقم (١٢٤٠) ك/البيوع، ب/مَا جَاءَ أَنَّ الحِنْطَةَ بِالحِنْطَةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَكَرَاهِيَةَ التَّفَاضُلِ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>