للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خامساً: - التعليق على الحديث:

قال الإمام النووي (١): في هذه الروايات استحباب ركعتين بين المغرب وصلاة المغرب، وفي المسألة وجهان لأصحابنا، أشهرهما: لا يُسْتحب، وأصحهما عند المحققين يُسْتحب؛ لهذه الأحاديث. وفي المسألة مذهبان للسلف، واستحبهما جماعة من الصحابة، والتابعين، ومن المتأخرين أحمد وإسحاق، ولم يستحبهما أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، وآخرون من الصحابة، ومالك وأكثر الفقهاء. وقال النخعي: هي بدعة.

وحُجَّة هؤلاء أن استحبابهما يؤدي إلى تأخير المغرب عن أول وقتها قليلاً. وزعم بعضهم في جواب هذه الأحاديث أنها منسوخة، والمختار: استحبابها؛ لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة. وفي "صحيح البخاري" عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صَلُّوا قَبْلَ صَلَاةِ المَغْرِبِ»، قَالَ: «فِي الثَّالِثَةِ لِمَنْ شَاءَ كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً». (٢)

وأما قولهم يُؤدي إلى تأخير المغرب: فهذا خيال منابذ للسنة فلا يلتفت إليه، ومع هذا فهو زمن يسير لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها.

وأمَّا مَن زعم النَّسْخ فهو مُجَازِفٌ؛ لأنَّ النَّسْخ لا يُصار إليه إلا إذا عجزنا عن التأويل والجمع بين الأحاديث وعلمنا التاريخ وليس هنا شيء من ذلك، والله أعلم. ا. هـ (٣)

* * *


(١) يُنظر: "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج" (٦/ ١٢٣ - ١٢٤).
(٢) سبق تخريجه في الشواهد.
(٣) ومَن رام المزيد فليُراجع: "ناسخ الحديث ومنسوخه" للأثرم ١/ ١٠٦، "فتح الباري" لابن رجب ٥/ ٣٤٦ - ٣٥٠، "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ١٠٧ - ١١٠ و ٣/ ٥٩ - ٦٠ و ٣/ ١٠٥ - ١٠٦)، "شرح مُشْكِل الآثار" (١٤/ ١١٣ - ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>