للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعاً: - النظر في الخلاف:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث مَداره على هشام بن عُرْوة، واختلف عنه مِنْ أوجهٍ:

الوجه الأول: هشام، عن أبيه، عن عائشة: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا وَاقَعَ بَعْضَ أَهْلِهِ، ضَرَبَ يَدَهُ عَلَى الْحَائِطِ، فَتَيَمَّمَ.

الوجه الثاني: هشام، عن أبيه، عن عائشة، في الرَّجُلِ تُصِيبُهُ جَنَابَةٌ فَيُرِيدُ أَنْ يَنَامَ، قَالَتْ: يَتَوَضَّأُ أَوْ يَتَيَمَّمُ.

الوجه الثالث: هشام، عن أبيه، عن عائشة، إِذَا أَصَابَ أَحَدُكُمُ الْمَرْأَةَ، فَلا يَنَمْ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ.

ومِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الوجه الثالث هو الأقرب إلى الصواب؛ للقرائن الآتية:

١) أنَّ الوجه الأول لم يَروه عن هشام - أي بذكر التيمم مِنْ فعل النَّبي - صلى الله عليه وسلم - عند الجنابة - إلا إسماعيل بن عَيَّاش، وبه صَرَّح الأمام الطبراني - كما سبق -، وإسماعيل "مُخَلِّطٌ في روايته عن الحجازيين"، وهذه مِنْها؛ وفي الإسناد أيضاً بقيَّة بن الوليد "يُدلِّس تدليس التسوية"، ولم يُصَرِّح بالسماع، مع مخالفته لما رواه الثقات عن عائشة بذكر الوضوء عند الجنابة مِنْ فعل النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، دون ذكر التيمم.

وقال ابن رجب: وهذا المرفوع لا يثبت، وإسماعيل بنِ عياش رواياته عَن الحجازيين ضعيفة، وعَمَّار بن نصر ضعيفٌ، ورواية عَثَّام الموقوفة أصح. (١) قلتُ: عَمَّار "ثِقَةٌ"، كما سبق بيانه في دراسة الإسناد.

٢) وأمَّا الوجه الثاني: فهو وإن كان ظاهره الصحة، إلا أنَّ عَثَّام قد انفرد بروايته عن هشام، فلم أقف - على حد بحثي - على مَنْ تابعه عليه، وقد خالف فيه ما رواه عامة الثقات - كما في الوجه الثالث -.

٣) بينما رواه الجماعة بالوجه الثالث عن هشام، وهم: مالك بن أنس، ووكيع بن الجَرَّاح، وقيس بن الربيع، وغيرهم، ولم يذكر واحدٌ منهم أمر التَّيَمُّم عند الجنابة.

خامساً: - الحكم على الحديث:

أ الحكم على الحديث بإسناد الطبراني:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "مُنْكَرٌ" بذكر التَّيَمُّم عند الجنابة مِنْ فعل النَّبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأجل إسماعيل بن عَيَّاش "مُخَلِّطٌ في روايته عن الحجازيين"، وهذه مِنْها، وقد انفرد بالحديث - كما سبق -، مع مخالفته لما رواه عامة الثقات، فلم أقف - على حد بحثي - على مَنْ تابعه بجعل التَّيَمُّم مِنْ فعل النَّبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وفي الإسناد أيضاً بقيَّة بن الوليد "يُدلِّس تدليس التسوية"، ولم يُصَرِّح بالسماع.

وقال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه بقية بن الوليد، وهو مدلس. (٢)

والحديث ذكره السيوطي مِنْ حديث عائشة، وعزاه إلى الطبراني، ورمز له بالضعف. (٣)


(١) يُنظر: "فتح الباري" لابن رجب (١/ ٣٥٨).
(٢) يُنظر: "مجمع الزوائد" (١/ ٢٦٤).
(٣) يُنظر: "الجامع الصغير" (٦٨١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>