رابعاً: - الحكم على الحديث:
أ الحكم على الحديث بإسناد الطبراني:
مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "شاذٌ"؛ لمخالفة عَمرو بن أبي قيس ما رواه الثقات.
ب الحكم على الحديث مِنْ وجهه الراجح (بإسناد الدَّارقطني):
مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الدَّارقطني "ضَعيفٌ"؛ ابن أبي ليلى "ضَعيفٌ، يُكتب حديثه للاعتبار".
مُتابعات للحديث:
_ أخرجه البخاري في "صحيحه" (٣٩٧)، ك/الصلاة، ب/قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى}، وبرقم (١١٦٧)، ك/التهجد، ب/ما جاء في التَّطَوُّعِ مَثْنَى مَثْنَى، بسنده عن مُجَاهِدٍ، قَالَ: أُتِيَ ابْنُ عُمَرَ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الكَعْبَةَ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَأَقْبَلْتُ وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ خَرَجَ، وَأَجِدُ بِلالا قَائِمًا بَيْنَ البَابَيْنِ، فَسَأَلْتُ بِلَالا، فَقُلْتُ: أَصَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي الكَعْبَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَكْعَتَيْنِ، بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ عَلَى يَسَارِهِ إِذَا دَخَلْتَ، ثُمَّ خَرَجَ، فَصَلَّى فِي وَجْهِ الكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ.
_ وأخرج البخاري في "صحيحه" (١٥٩٨)، ك/الحج، ب/إغلاق البَيْتِ، ويُصَلِّي في أيِّ نواحي البَيْتِ شاء، بسنده عن سَالِمٍ، عن أَبِيه، أَنَّهُ قال: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - البَيْتَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلالٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلجَ، فَلَقِيتُ بِلالا فَسَأَلْتُهُ: هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: نَعَمْ بَيْنَ العَمُودَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ.
_ وأخرج الإمام مُسلمٌ في "صحيحه" (١٣٢٩)، ك/الحج، ب/اسْتِحْبَاب دُخُولِ الكعبة للحَاجِّ وغيره، والصَّلاة فيها، والدُّعاء في نَوَاحِيهَا كُلِّهَا، بسنده، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْكَعْبَةَ هُوَ وَأُسَامَةُ، وَبِلالٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ، فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ مَكَثَ فِيهَا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَسَأَلْتُ بِلالا، حِينَ خَرَجَ: مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: جَعَلَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَسَارِهِ، وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ، وَثَلَاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ - وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ - ثُمَّ صَلَّى.
_ وعليه فالحديث بمجموع طرقه يرتقي إلى "الصحيح لغيره"، والله أعلم.
خامساً: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:
قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن ابن أبي لَيْلَى إلا عَمْرٌو.
قلتُ: مِمَّا سبق في التخريج يَتَّضح صحة ما قاله المُصَنِّف - رضي الله عنه -، لكنَّه مُقَيَّد بالوجه الأول، أي برواية ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى، عن أبيه عبد الرحمن، عن بلالٍ - رضي الله عنه -؛ وإلا فقد رواه غير واحدٍ - غير عَمرو بن أبي قيس - عن ابن أبي ليلى، لكن بالوجه الثاني؛ أي: عن ابن أبي ليلى، عن عكرمة بن خالد، عن يحيى بن جَعْدة، عن ابن عُمر، عن بلال - رضي الله عنه - كما سبق بيانه في التخريج -، والله أعلم.