للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المَليح به، فَزَال ما نخشاه من اختلاطه. والحديث عند البخاري مِنْ طُرُقٍ أخرى عن ابن عُمر - كما سبق -.

شواهدٌ للحديث:

- أخرج البخاري، ومسلم في "صحيحهما"، من حديث أُسامة بن زيد - رضي الله عنه -، قال: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي سَرِيَّةٍ، فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلا فَقَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللهُ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «أَقَالَ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَقَتَلْتَهُ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاحِ، قَالَ: «أَفَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لا؟» فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ، قَالَ: فَقَالَ سَعْدٌ: وَأَنَا وَاللهِ لا أَقْتُلُ مُسْلِمًا حَتَّى يَقْتُلَهُ ذُو الْبُطَيْنِ يَعْنِي أُسَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: أَلَمْ يَقُلِ اللهُ - عز وجل -: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ}. فَقَالَ سَعْدٌ: قَدْ قَاتَلْنَا حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ، وَأَنْتَ وَأَصْحَابُكَ تُرِيدُونَ أَنْ تُقَاتِلُوا حَتَّى تَكُونَ فِتْنَةٌ. واللفظ لمسلم. (١)

وعليه؛ فالحديث بمتابعاته وشواهده يرتقي إلى "الصحيح لغيره"، والله أعلم.

- وتَفَرُّد أبو المَلِيح بالحديث عن مَيْمون بن مِهْران، لا يؤثر على صحة الحديث؛ لِكَوْن أبي المَليح مِمَّن يُحتمل تفرده، خاصةً عن مَيْمون بن مِهران، قال ابن سعد: إنه كان راويته.

رابعًا:- النظر في كلام المصنف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال الإمام الطبراني - رضي الله عنه -: لم يَرْو هذا الحديث عن مَيْمون بن مِهْران إلا أبو المَليح.

قلتُ: مما سبق في التخريج يَتَّضح صحة ما قاله المُصَنِّف - رضي الله عنه -.

خامسًا:- التعليق على الحديث:

حذّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من الفِتن، وأَمَر باعتزالها، وكف اللسان واليد فيها:

- فأخرج الإمام أحمد وغيره من حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، وَيُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِي، فَاكْسِرُوا قِسِيَّكُمْ، وَقَطِّعُوا أَوْتَارَكُمْ، وَاضْرِبُوا بِسُيُوفِكُمُ الْحِجَارَةَ، فَإِنْ دُخِلَ عَلَى أَحَدِكُمْ بَيْتَهُ، فَلْيَكُنْ كَخَيْرِ ابْنَيْ آدَمَ ". (٢) وأخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: وفيه «وَمَنْ يُشْرِفْ لَهَا تَسْتَشْرِفْهُ، وَمَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذًا فَلْيَعُذْ بِهِ». (٣)


(١) أخرجه البخاري (٤٢٦٩)، ك/ المغازي، ب/ بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد، وبرقم (٦٨٧٢)، ك/الدِّيات، ب/قول الله - عز وجل -: {وَمَنْ أَحْيَاهَا}، ومسلم (٩٦/ ١، ٢) ك/الإيمان، ب/تحريم قتل الكافر بعد أنْ قال لا إله إلا الله.
(٢) أخرجه أحمد (١٩٧٣٠)، وأبو داود (٤٢٥٩) ك/الفتن والملاحم، ب/النهي عن السعي في الفتنة، والترمذي (٢٢٠٤) ك/الفتن، ب/اتخاذ سَيْفٍ من خشب في الفتنة، وقال الترمذي: حسنٌ غريب. وصححه الألباني في "الصحيحة" (١٦٨٢).
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٣٦٠١) ك/المناقب، ب/علامات النبوة، وبرقم (٧٠٨١، ٧٠٨٢) ك/الفتن، ب/تكون فتنةٌ القاعد فيها خيرٌ من القائم. ومسلم في "صحيحه" (٢٨٨٦/ ١ - ٣) ك/الفتن، ب/نزول الفتن كمواقع القَطْر.

<<  <  ج: ص:  >  >>