ثانياً: - الوجه الثاني: سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ (مُرْسلاً).
أ تخريج الوجه الثاني:
أشار إلى هذا الوجه كلاً من ابن صاعدٍ، والدَّارقطني، ونقل كلامهما الإمام النووي، والحافظ ابن حجر، فقالا: ثُمَّ نَقَلَ - أي الدَّارقطني - عَنْ ابْنِ صَاعِدٍ: أَنَّ الْعَابِدِيَّ تَفَرَّدَ بِوَصْلِهِ، وَأَنَّ غَيْرَهُ أَرْسَلَهُ. ولم يَتَعقَّباه بشيءٍ - وسبق في تخريج الوجه الأول الإشارة إلى ذلك -.
قلتُ: ولم أقف بعد البحث على من أخرج هذا الوجه مُرْسلاً.
ب دراسة إسناد الوجه الثاني:
سبقت دراسة إسناده في الوجه الأول.
ثالثاً: - النظر في الخلاف على هذا الحديث:
مِمَّا سبق يَتَبَيَّنُ أنَّ الحديث مداره على ابن عُيَيْنَة، واختُلف عليه فيه من وجهين:
الوجه الأول: سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ (مُتصلاً).
الوجه الثاني: سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ (مُرْسلاً).
ومن خلال ما سبق، يَتَبَيَّن أنَّ الوجه الأول المتصل قد انفرد بروايته عبد الله بن عِمْران العَابدي، عن سُفْيان بن عُيَيْنَة، بسنده متصلاً، قاله ابن صاعد، والدَّارقطني، ونقله عنهما النوويُّ، وابنُ حجر، ولم يتعقبهما بشيءٍ؛ والعابدي يُخالف ويُخْطِئ كما قال ابن حبَّان.
وقد خالفه غيره، فرواه عن ابن عُيَيْنَة، بسنده مُرْسلاً.
قلتُ: ولعلَّ الظاهر من كلام الأئمة يشير إلى ترجيح الوجه الثاني - المرسل -، والله أعلم.
وللحديث جملة من المتابعات والشواهد - سيأتي ذكرها إن شاء الله - عز وجل -، وهذه مِنْ القرائن القوية التي تدل على رُجْحَان الوجه المتصل، والله أعلم.
وعلى كل حال فمدار الوجهين على عَمرو بن مُسْلم، وهو "صدوق يَهِم"، لا يُحْتج بحديثه إلا إذا تُوبع.
رابعًا: الحكم على الحديث:
أ الحكم على الحديث من وجهه الأول:
إسنادَه ضعيفٌ؛ لأجل عَمرو بن مُسْلم، "صدوق يهم"، فلا يحتج بحديثه إلا إذا تُوبع.
ب الحكم على الحديث من وجهه الثاني:
إسنادَه ضعيفٌ أيضًا؛ لإرساله، ولأجل عَمرو بن مُسْلم، "صدوق يهم"، فلا يحتج بحديثه إلا إذا تُوبع.
ت مُتَابعات للحديث:
والحديث قد روى عن ابن عبَّاس من طُرقٍ أُخرى يَصحُّ الحديث بمجموعها، وهى كالآتي:
• أخرج ابن أبي شيبة في "المصنف" (١٧٤٥٩) - ومن طريقه أبو يَعْلَى في "مسنده" (٢٥٢٢)، والطبراني في "الكبير" (١٢٠٩٠) -، وأحمد في "مسنده" (٢٣١٨)، والطحاوي في "شرح مُشْكِل الآثار"