للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسُويد ليس مِمَّن يُحتمل مِن مثله تَعدد أسانيده.

والذي عندي - والله أعلم - عدم ترجيح أحد الوجهين حتى يأتي لأحدهما ما يُقويه ويُرجحه، والله أعلم.

والحديث له أصل صحيح عن الزُّهري، وعن نافع - كما سبق - لكن مِنْ غير طريق سُويدٍ، والله أعلم.

رابعاً: - الحكم على الحديث:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "ضعيفٌ"؛ فيه: سُويد بن عبد العزيز "ضَعيفٌ يُعتبر به"، وقد اضطرب في هذا الحديث فرُوي عنه مَرَّة عن قُرَّة بن عبد الرحمن، عن ابن شِهاب، عن سالم، عن ابن عُمر، ومَرَّة عن عُبَيْدِ اللَّهِ بن عُبَيْدٍ الكَلَاعِيِّ، عن مَكْحُولٍ، عن نافع، عن ابن عُمر.

قلتُ: والحديثُ في "الصحيحين" - كما سبق ذكره في المتابعات - مِنْ طُرُقٍ عن الزُّهري، عن سالم، عن أبيه، وفي "الصَحيحين" أيضاً مِن طُرُقٍ عن نافع، عن ابن عُمر.

والحديث عدَّه أبو عبد الله محمد بن جعفر الكتاني في "نظم المتناثر" مِنْ المتواتر. (١)

خامسًا: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن قُرَّةَ إلا سُوَيْدٌ وَرِشْدِينٌ. (٢)

قلتُ: ومِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ حكم الإمام على الحديث بالتفرد صحيحٌ، ولم أقف - على حد بحثي - على ما يدفعه، وهو تفرَّدٌ نِسْبيٌّ، ولم أقف - بعد البحث - على رواية رِشْدين عن قُرَّة - والله أعلم -.

سادساً: - التعليق على الحديث:

قَالَ الإمام مَالِكٌ: مَنِ اغتسل يوم الجمعة، أول نهاره، وهو يُرِيدُ بذلك غُسْلَ الجمعة، فإنَّ ذلك الغُسْل لا يجزي عنه، حتى يَغتَسِلَ لِرَوَاحِهِ، وذلك أنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: في حديث ابن عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمُ الجُمُعَةَ، فَلْيَغْتَسِلْ» (٣)؛ قَالَ: ومَنِ اغتسل يوم الجمعة مُعَجِّلاً أو مُؤَخِّرًا، وهو يَنْوِي بذلك غُسْلَ الجمعة، فأصابه ما يَنْقُضُ وُضُوءَهُ، فليس عليه إلا الوُضُوءُ، وغُسْلُهُ ذلك مُجْزِئٌ عنه. (٤)

قال الحافظ ابن حجر: قال ابن دقيق العيد: في الحديث دليلٌ على تعليق الأمر بالغسل بالمجيء إلى الجمعة، واستدل به لمالك في أنه يعتبر أن يكون الغُسل متصلاً بالذهاب، ووافقه الأوزاعي والليث؛ بينما قال الجمهور: يُجزئ مِنْ بعد الفجر؛ ومقتضى النظر: أن يُقال: إذا عرف أن الحكمة في الأمر بالغسل يوم الجمعة والتنظيف رعاية الحاضرين من التأذي بالرائحة الكريهة، فمن خشي أن يُصيبه في أثناء النَّهار ما


(١) يُنظر: "نظم المتناثر مِنْ الحديث المتواتر" (ص/١١٠ - ١١٢).
(٢) وهذا القول ذكره المُصَنِّف - رضي الله عنه - عقب الحديث رقم (٥٥٣) - كما سيأتي بإذن الله - عز وجل -.
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٨٧٧) ك/الجمعة، ب/فضل الغُسْلِ يوم الجُمُعَةِ، وبرقم (٨٩٤) ك/الجمعة، ب/هل على مَنْ لم يَشْهَدِ الجمعة غُسْلٌ مِنَ النِّسَاءِ والصِّبْيَانِ وغيرهم؟، وبرقم (٩١٩) ك/الجمعة، ب/الخطبة على المِنْبَرِ، ومسلمٌ في "صحيحه" (٨٤٤) ك/الجمعة، وفي بعض الروايات عند مُسلم، بلفظ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْتِيَ الْجُمُعَةَ فَلْيَغْتَسِلْ».
(٤) يُنظر: "الموطأ" (١/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>