للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعًا:- النظر في كلام المصنف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المصنف - رضي الله عنه -: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ عُمَيْرٍ إِلا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ.

قلتُ: مِمَّا سبق في التخريج يَتَبَيَّنُ صحة ما قاله المُصَنِّف - رضي الله عنه -.

والحديث أخرجه تَمَّام بن محمد في "فوائده"، فلَعَلَّ هذا فيه إشارة ضمنيَّة أنَّه مِنْ الغرائب - كما سبق -.

خامسًا:- التعليق على الحديث:

_ قال ابن رجب الحنبلي: وذهب البعض إلى أنه يجب السجود على الأنف مع الجبهة، وهو قول مالك، وأحمد - في رواية عنهما - وإسحاق، - واختار هذه الرواية عن أحمد: أبو بكر عبد العزيز، وغيره من أصحابنا - وأبي خيثمة، وأبي بكر بن أبي شيبة، ورُويَ معناه عن طاوس، والنخعي، وسعيد بن جبير، ورَوَى نحوه ابن عمر، قال: السجود على الأنف تحقيق السجود.

ولو اقتصر على السجود على أنفه دون جبهته لم يجزئه عند أحد العلماء ممن أوجب السجود على الأنف، غير أبي حنيفة، وهي رواية عن الثوري.

ومن ذهب إلى أنّ السجود على الأنف مستحب، واستدلَّ على ذلك بأن عدَّ الأعضاء المأمور بالسجود عليها سبعًا، ولو كان الأنف معها لكانت ثمانية؛ مردود لأن الأنف من الجبهة. فقد قال: سبعة أعظم، وطرف الأنف المسجود عليه ليس عظمًا فعُلِم أنَّه تابعٌ لعظم الجبهة، وليس عضوًا مستقلًّا. (١)

_ وقال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: لمّا سجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بجبهته وأنفه في الطين دلَّ ذلك على تأكيد الأمر بالسجود على الأنف وأنَّه لم يُترك مع وجود عذر الطين الذي أثَّر فيه، وهو دالٌّ على وجوب السجود عليهما ولولا ذلك لصانهما عن لوث الطين، قاله الخطابي. (٢)

* * *


(١) يُنظر: "فتح الباري" لابن رجب ٧/ ٢٥٥ - ٢٦٠، بتصرّف.
(٢) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر ٢/ ٢٩٦ - ٢٩٨، ومَنْ رام المزيد فليراجع - مشكوراً غير مأمور - "التمهيد" ٢٣/ ٦٢، "تحفة الأحوذي" ٢/ ١٢٤ - ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>