للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لذا أخرجه ابن عدي في ترجمته، وقال: لا يرويه عن الشَّعْبيِّ غير السَّري، وأحاديثه التي يرويها لا يُتَابعه أحدٌ عليها خاصةً عن الشَّعْبِيّ فإنَّ أحاديثه عنه منكرات لا يرويها عنه غيره، وهو إلى الضعف أقرب. (١)

وقال الهيثمي: رواه الطَّبرانيُّ في "الأوسط"، وفيه السَّرِيُّ بن إسماعيل، وهو مَتْرُوكٌ. (٢)

ب الحكم على الحديث مِن وجهه الراجح:

ومِن خلال ما سبق يتبيَّن أنَّ الحديث مِن وجهه الراجح "صحيحٌ لذاته"، وهو مُتَّفَقٌ عليه.

خامساً: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن الشَّعْبِيِّ إلا السَّرِيُّ بن إِسْمَاعِيلَ.

قُلْتُ: وقال ابن عدي: لا يرويه عن الشعبي غير السَّرِي بن إسماعيل. (٣)

ومِن خلال ما سبق بيانه في التخريج يتبيَّن صحة ما قاله المُصَنِّف، وابن عدي، وأنَّه لم يروه عن الشعبي عن مسروقٍ عن ابن مسعود - رضي الله عنه - إلا السَّرِي بن إسماعيل.

سادساً: - التعليق على الحديث:

قال الحافظ ابن حجر: قوله "كَرِه لكم قِيلَ وَقَالَ"، قال المحب الطبري: في "قيل وقال" ثلاثة أوجه، أحدها: أنهما مصدران للقول، تقول: قلت قولاً وقيلاً وقالاً، والمراد: الإشارة إلى كراهة كثرة الكلام؛ لأنَّها تؤل إلى الخطأ، قال: وإنَّما كَرَّرَه للمبالغة في الزجر عنه. ثانيها: إرادة حكاية أقاويل الناس والبحث عنها ليخبر عنها، فيقول: قال فلان كذا، وقيل كذا، والنهي عنه: إمَّا للزجر عن الاستكثار منه، وإما لشيءٍ مخصوصٍ مِنْهُ، وهو ما يَكْرهه المَحْكي عنه. ثالثها: أنَّ ذلك في حكاية الاختلاف في أمور الدين، كقوله: قال فلان كذا وقال فلان كذا، ومحل كراهة ذلك: أنْ يُكْثِر مِنْ ذلك بحيث لا يَأمن مع الإكثار مِن الزلل، وهو مخصوص بمن ينقل ذلك من غير تَثَبُّت ولكن يُقَلِّد مَن سَمِعَهُ ولا يَحْتَاط له.

قلت (ابن حجر): ويُؤَيِّد ذلك الحديث الصحيح «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» (٤). (٥)

وقال ابن عبد البر: المعنى في "قِيلَ وَقَالَ": الخَوْضُ في أَحَادِيثِ النَّاسِ التي لا فائدة فيها، وإنَّمَا جُلُّهَا الغَلَطُ والحَشْو والغِيبَةُ وما لا يُكْتَبُ فيه حَسَنَةٌ ولا سَلِمَ القائل والمُسْتَمِعُ فيه مِنْ سَيِّئِهِ. (٦)


(١) يُنظر: "الكامل" لابن عدي (٤/ ٥٣٩).
(٢) يُنظر: "مجمع الزوائد" (١/ ١٥٨).
(٣) يُنظر: "الكامل" لابن عدي (٤/ ٥٣٩).
(٤) أخرجه مسلم في المقدمة مِن "صحيحه" (٥) ب/النَّهْيِ عَنِ الْحَدِيثِ بِكُلِّ مَا سَمِعَ، مِن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً.
(٥) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٠/ ٤٠٧).
(٦) يُنظر: "الاستذكار" (٢٧/ ٣٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>