للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الهيثميّ: رواه أبو يعلى والطبراني في "الكبير"، و"الأوسط"، ورجال أبي يعلى ثقات. (١)

وقال ابن حجر: صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ في "الأوسط" مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ هُشَيْمِ. (٢)

والحديث عَدَّه الكتانيّ في "نظم المتناثر" مِنْ المتواتر، وقال: وفي "اللآلئ المصنوعة" أنَّه ورد بأسانيد بعضها صحيحٌ، وبعضها حسنٌ، وبعضها ضعيفٌ، قال (أي السيوطي في "اللآلئ"): وقد سقتها في الأحاديث المتواترة. قال الكتانيّ: ولم أره في الأزهار. (٣)

رابعًا: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -: لم يَرْوِه عن أبي بِشْرٍ إلا هُشَيْمٌ، ولا يُرْوَى عن ابن عَبَّاسٍ إلا بهذا الإسناد.

قلتُ: مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ حكم الإمام على الحديث بالتَّفرد صحيحٌ، وهو تَفَرُّدٌ نِسْبيٌّ، ولم أقف - على حد بحثي - على ما يدفعه، وظاهر كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - يُفِيدُ أنَّ التَّفرُّد يَقِفُ عند هُشَيم بن بَشَير.

خامساً: التعليق على الحديث:

قال الحافظ ابن حجر: الْمُرَادُ أَنَّهُ يَصْبِرُ مُسْتَحْضِرًا ما وَعَدَ اللَّهُ بِهِ الصَّابِرَ مِنَ الثَّوَابِ، لا أَنْ يَصْبِرَ مُجَرَّدًا عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ، وَابْتِلَاءُ اللَّهِ عَبْدَهُ فِي الدُّنْيَا لَيْسَ مِنْ سُخْطِهِ عَلَيْهِ، بَلْ إِمَّا لِدَفْعِ مَكْرُوهٍ، أَوْ لِكَفَّارَةِ ذُنُوبٍ، أَوْ لِرَفْعِ مَنْزِلَةٍ، فَإِذَا تَلَقَّى ذَلِكَ بِالرِّضَا تَمَّ لَهُ الْمُرَادُ وَإِلَّا يصبر.

وقَوْلُهُ: "عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ" هَذَا أَعْظَمُ الْعِوَضِ لأَنَّ الِالْتِذَاذَ بِالْبَصَرِ يَفْنَى بِفِنَاءِ الدُّنْيَا، والالتذاذَ بِالجَنَّةِ بَاقٍ بِبَقَائِهَا، وَهُوَ شَامِلٌ لِكُلِّ مَنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِك بِالشّرطِ الْمَذْكُورِ، والصَّبْرَ النَّافِعَ هُوَ مَا يَكُونُ فِي أَوَّلِ وُقُوعِ الْبَلَاءِ، فَيُفَوِّضُ وَيُسَلِّمُ، وَإِلَّا فَمَتَى تَضَجَّرَ وَتَقَلَّقَ فِي أَوَّلِ وَهْلَةٍ ثُمَّ يَئِسَ فَيَصْبِرُ لا يَكُونُ حصل المَقْصُودُ. (٤)

قال ابن بطال: هذا الحديث حجة في أنَّ الصبر على البلاء ثوابه الجنة، ونعمة البصر على العبد وإن كانت من أجلِّ نِعَمِ الله تعالى، فعوض الله عليها الجنة أفضل من نعمتها في الدنيا، لنفاذ مدة الالتذاذ بالبصر في الدنيا وبقاء مدة الالتذاذ به في الجنة. (٥)

* * *


(١) يُنظر: "مجمع الزوائد" (٢/ ٣٠٨).
(٢) يُنظر: "المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية" (١١/ ٨٨).
(٣) يُنظر: "نظم المتناثر مِنْ الحديث المتواتر" (ص/١١٥/حديث رقم ٩٩).
(٤) يُنظر: "فتح الباري" (١٠/ ١١٦).
(٥) يُنظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بَطَّال (٩/ ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>