للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤) ويُضاف إلى ذلك، ترجيح الأئمة للوجه الموقوف: فقال أبو حاتم: الموقوف أشبه بالصواب. وقال أبو زرعة: الموقوف أصح لأنَّ إسرائيلَ، وزُهيراً أحفظ. وبَيَّن الدَّارقطني أنَّه مِنْ رواية الجماعة. (١)

قلت: ومع ترجيح الأئمة للوجه الموقوف، إلا أنَّ له حكم الرفع، لكونه مِمَّا لا يُقال من قِبل الرأي والاجتهاد، ولاشتماله على ثواب مخصوص، فلابد فيه من نص توقيفي.

رابعاً:- الحكم على الحديث:

أ الحكم على الحديث بإسناد الطبراني:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبرانيّ "شَاذٌ"؛ لمخالفته ما رواه الثقات عن أبي إسحاق السَّبيعيّ.

وفيه أبو إسحاق لم يَسْمع من الحارث إلا أربعة أحاديث - وهذا ليس منها -، وليس فيها شيءٌ مُسْنَد، والباقي وجادة، فهو منقطع. وقال الهيثمي: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه الحارث، وهو ضعيفٌ. (٢)

ب الحكم على الحديث مِنْ وجهه الراجح:

ومِنْ خلال ما سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث مِنْ وجهه الراجح "ضَعيفٌ"؛ فيه الحارث بن عبد الله الأعور "ضَعيفٌ، يُعْتبر به"، وأبو إسحاق السَّبيعيَّ "مُدَلِّسٌ"، ورواه بالعنعنة، ولم يَسْمعه مِنْ الحارث.

[شواهد للحديث]

وللحديثِ شواهدٌ، مِنْهَا ما أخرجه البخاري، مِنْ حديث، أَبَي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، أَنَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنِ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ، فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ". (٣)

وعليه؛ فالحديث مِنْ وجهه الراجح بشواهده يرتقي إلى "الصحيح لغيره"، والله أعلم.

خامساً:- التعليق على الحديث:

يدل هذا الحديث على فضل الجهاد، وفضل مَن أنفق ماله في سبيل الله - عز وجل -، ولو أن يحبس شيئا من ماله - ولو قليلاً - من أجل الجهاد، والغزو لإعلاء كلمة الله - عز وجل -.

قال المُهلّب بن أبي صُفرة: في هذا الحديث جواز وقف الخيْل للمدافعة عن المسلمين، ويُستنبط منه جواز وقف غير الخيل من المنقولات، وغيرها، من باب أوْلى.

ويُبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن كل ما ينفقه العبد في سبيل الله فهو في ميزان حسناته بوم القيامة، حتى علف الفرس، وروثه، وبوله. والمراد بذلك كما قال ابن حجر: هو ثواب هذه الأشياء، لا أن الأرواث بعينها توزن. (٤)

* * *


(١) يُنظر: "العلل" لابن أبي حاتم (٣/ ٣٧٥)، "العلل" للدارقطني (٣/ ١٧٩).
(٢) يُنظر: "مجمع الزوائد" (٥/ ٢٦٠).
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٢٨٥٣)، ك/الجهاد، ب/من احتبس فرساً في سبيل الله - عز وجل -.
(٤) يُنظر: "فتح الباري" (٦/ ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>